مستحقها كما تأرز الحية إلى جحرها .
ولما كان المجلس العالي القاضوي إلى آخر ألقابه أعز الله تعالى أحكامه هو الذي حمدت في القضاء آثاره وسارت بحسن السيرة في الآفاق أخباره وحسن بحسن تأتيه في الورد والصدر إيراده وإصداره وتنافس في جميل وصفه الطرس والقلم وظهرت فضائله ظهور نار القرى ليلا على علم ونشرت الأيام من علومه ما تطوى إليه المراحل وجادت مواطر فكره بما يخصب به جناب المربع الماحل وعمرت من منصب القضاء بولايته معاهده وجرت بقضايا الخير في البدء والعود عوائده ونفذت بنفاذ أوامره في الوجود أحكامه ورقم في صحائف الأيام على توالي الدهور نقضه وإبرامه وسجل بثبوت أحقيته فانقطعت دون بلوغ شأوه الأطماع وحكم بموجب فضله فانعقد على صحة تقدمه الإجماع ففرائد فوائده المدونة تؤذن بالبيان والتحصيل ومقدمات تنبيهاته المحققة تكفي نتائج إفضالها عن الإجمال والتفصيل وجواهر ألفاظه الرائقة نعم الذخيرة التي تقتنى ومدارك معانيه الفائقة حسبك من ثمرة فكر تجتنى وتهذيب إيراداته الواضحة تغني في إدراكها عن الوسائل وتحقيق مسائله الدقيقة تحقق فيها أنها عيون المسائل وكانت وظيفة قضاء قضاة المالكية بالديار المصرية في رفيع رتبتها ووافر حرمتها قد ألقت إليه مقاليدها ورفعت بالانتماء إلى مجلسه العالي أسانيدها وعرفت محله الرفيع فتعلقت منه بأعز منال وحظيت بجماله اليوسفي المرة بعد الأخرى فقالت لا براح لي عن هذا الجمال وعجمت بتكرر العود عوده فأعرضت عن السوى وقرت بالإياب إليه عينا فألقت عصاها واستقر بها النوى اقتضى حسن الرأي الشريف أن نعيد الوظيفة المذكورة إليه ونعول في استكشاف مشكلات الأحكام على ما لديه إقرارا للأمر في نصابه وردا له بعد الشراد إلى مثابه وإسعافا للمنصب بطلبته وإن أتعب غيره نفسه في طلابه .
فلذلك رسم بالأمر الشريف لا زال يبدئ المعروف ويعيده ويوفر نصيب الأولياء ويزيده أن يفوض إلى المجلس العالي المشار إليه قضاء القضاة