الصالح أخا للعلوم شافيا ولمنصبه العلي ولله الحمد وافيا ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مجرد سيف الحق على كل مبطل معاند ومرهف حده القاضب لكل ملحد عن سواء السبيل حائد وأن سيدنا محمدا عبده ورسوله أفضل نبي فاق الأنام بفضله وعم البرية بعدله وسد باب التوبة على متنقصه فلم تكن لتقبل توبة مثله وكان إلى مالك مصيره فلا جرم قضى بإهدار دمه وتحتم قتله وعلى آله وصحبه الذين ذبوا عن حمى الدين وذادوا وسلكوا سبيل المعدلة إذ حكموا فما ضلوا عن سنن الطريق ولا حادوا صلاة تبقى ببقاء الدهور ولا تزول بهجة جمالها بتوالي الأعوام والشهور وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد فإن أولى ما قصر عليه النظر واستغرقت فيه الفكر وعرا العيون فيه السهر وصرفت إليه الهمم ورغبت في البراءة من تخلفه الذمم النظر في أمر منصب الشرع الشريف الذي يأوي الملهوف إلى ظله ويلجأ المستجير إلى عدله ويتعلق العفاة بوثيق عروته ومتين حبله وبرهبته يكف الظالم عن ظلمه وينتصف الخصم من خصمه ويذعن العاصي إلى طاعته وينقاد الأبي إلى حكمه ويأتم به الحائر في دجى الجهل فيستضيء بنوره ويهتدي بنجمه لا سيما مذهب مالك الذي لم يزل للدين من أهل الإلحاد مثئرا وللقصاص من أهل العناد مبتدرا وبسل سيف الحق على الطغاة المتمردين مشتهرا ففاز من سطوات الإرهاب بأرفع المراتب وعلا رقاب الملحدين بأرهف القواضب وخص من سفك دماء المبطلين على البت بما لم يشاركه فيه غيره من المذاهب فوجب أن يختار له من ينص الاختبار على أنه أهل للاختيار ويقطع المنافس أنه الراجح وزنا عند الاعتبار وتأخذ مناقبه البسيطة في البسط فلا تنفد إذا نفدت مناقب غيره المركبة عند الاختصار ويشهد له ضده بالتقدم في الفضل وإن لم تتقدم منه دعوى ويعترف له بالاستحقاق خصمه فيتمسك من عدم الدافع فيه بالسبب الأقوى ويحكم له بعلو الرتبة مناوئه فيرتفع الخلاف وتنقطع النجوى ويسجل له حاسده بثبوت المفاخر المحكوم بصحتها فلا ينقضها حاكم وإن بلغ