المنصب حلة تمنع المبطل من الإقدام عليه وتدفع الظالم عن التطاول إلى أمر نزعه الشرع من يديه وتؤمن الحق من امتداد يدي الجور والحيف إليه وليسو بين الخصمين في مجلسه ولحظه ويعدل بينهما في إنصاته ولفظه ليعلم ذو الجاه أنه مساو في الحق لخصمه مكفوف باستماع حجته عن الطمع في ظلمه ولا ينقض حكما لم يخالف نصا ولا سنة ولا إجماعا وليشارك فيما لا يجهله من القضايا غيره من العلماء ليتزيد بذلك مع اطلاعه اطلاعا وليغتنم في ذلك الاستعانة بآرائهم فإن الله تعالى لا ينتزع هذا العلم انتزاعا وليسد مسالك الهوى عن فكره ويصرف دواعي الغضب لغير الله عن المرور بذكره وليجعل العمل لوجه الله نتيجة علمه وليحكم بما أراه الله ( والله يحكم لا معقب لحكمه ) إن شاء الله تعالى .
الثالث قاضي قضاة المالكية .
وهذه نسخة تقليد بقضاء قضاة المالكية لقاضي القضاة جمال الدين يوسف البساطي المقدم ذكره في العشر الأخير من رجب الفرد سنة أربع وثمانمائة وهو .
الحمد لله الذي شفع جلال الإسلام بجماله وناط أحكامه الشرعية بمن اقترن بحميد مقاله جميل فعاله وخص مذهب عالم المدينة بخير حاكم ما جرى حديثه الحسن يوما إلا وكان معدودا من رجاله وعدق النظر في أحكامه بأجل عالم لو طلب له في الفضل مثل لعجز الزمان أن يأتي بمثاله .
نحمده على أن أخلف من النبعة الزكية صنوا زاكيا وأدال من الأخ