وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بالصدق إِن كان صدقاً وبالكَذِب إِن كان كَذباً . أفلا تَرى أن من المعلوم أنه لا يكون إِثباتٌ ونفيٌ حتى يكونَ مثبتٌ ونافٍ يكون مصدرُهما من جهته ويكون هو المُزْجِيَ لهما والمبرِمَ والناقِضَ فيهما ويكونَ بهما مُوافقاً ومُخالفاً ومصيباً ومخطئاً ومحسناً ومسيئاً .
وجملةُ الأمرِ أنَّ الخبرَ وجميعَ الكلامِ معانٍ ينشِئُها الإِنسانُ في نفسهِ ويصرفُها في فكرهِ ويناجي بها قلبَه ويراجعُ فيها عقلَه وتوصَفُ بأنَّها مقاصدُ وأغراضٌ وأعظمُها شأناً الخبرُ فهو الذي يتصوَّر بالصُوَرِ الكثيرة وتقعُ فيه الصناعاتُ العجيبةُ . وفيه يكونُ في الأمرِ الأعمِّ المزايا التي بها يقعُ التفاضُلُ في الفصاحَةِ كما شرحنا فيما تقدَّم ونشرحُه فيما نقولُ من بعدُ إِنْ شاءَ الله تعالى .
واعلمْ أنك إِذا فتشتَ أصحابَ اللفظِ عمّا في نفوسِهِم وجدتَهم قد توهَّموا في الخبر أنه صِفَةٌ للفظ وأن المعنى في كونِه إِثباتاً أنه لفظ يدلُّ على وجود المعنى من الشيء أو فيه وفي كونه نفياً أنه لفظ يدلّ على عدمه وانتفائه عن الشيء . وهو شيءٌ قد لَزمَهم وسَرَى في عروقِهم وامتزجَ بطباعِهم حتى صارَ الظَنُّ بأكثرهم أن القولَ لا ينجعُ فيهم . والدليلُ على بطلانِ ما اعتقدوه أنه محالٌ أن يكون اللفظُ قد نُصِبَ دليلاً على شيءٍ ثم لا يحْصُل منه العِلْمُ بذلك الشيء إِذ لا معنى لكونِ الشيء دليلاً إِلا إِفادته إِياكَ العلمَ بما هو دليلٌ عليه .
وإِذا كان هذا كذلك عُلِم منه أنْ ليسَ الأمرُ على ما قالوه من أن المعنى في وصفنا اللفظَ بأنَّه خبرٌ أنه قد وُضِعَ لأن يدلَّ على وجودِ المعنى أو عَدَمِه لأنه لو كانَ كذلكَ لكانَ ينبغي أن لا يقعَ من سامِعٍ شكٌّ في خبرٍ يَسْمَعُه وأن لا تسمعَ الرجلَ يثبتُ وينفي إِلا علمتَ وجودَ ما أثبتَ وانتفاء ما نفى . وذلكَ مما لا يُشَكُّ في بُطلانِهِ . وإِذا لم يكنْ ذلك مما يُشَكُّ في بطلانِهِ وَجَبَ أن يُعْلَمَ أنَّ مدلولَ اللفظ ليس هو وجودَ المعنى أو عدمَه ولكنِ الحكمُ بوجود المعنى أو عَدمِه وأن ذلك أي الحكمُ بوجود المعنى أو عدمِه حقيقةُ الخبر . إِلاّ أنه إِذا كان بوجودِ المعنى منَ الشيء أو فيه يسمى إِثباتاً . وإِذا كان بِعَدَم المعنى وانتفائهِ عن الشيء يسمَّى نفيا . ومن الدليل على فسادِ ما زعموه أنه لو كان معنى الإثبات الدلالةَ على وجود المعنى وإِعلامَه السامعَ أيضاً لكان ينبغي إِذا قال واحدٌ : " زيد عالم " وقال آخر " " زيدٌ ليس بعالمٍ " أن يكونَ قد دلَّ هذا على وجودِ العلم وهذا على عدمه . وإِذا قال الموحِّدُ : العالَمُ مُحْدَثٌ " وقال المُلْحِدُ : " هو قديمٌ " أن يكونَ قد دَلَّ الموحِّدُ على حدوثِه والملحِدُ على قِدَمِه وذلك ما لا يقوله عاقل