( وَلَمْ أدْرِ مَنْ أَلقى عليه رداءَهُ ... سِوى أنَّهُ قَدْ سُلَّ مِنْ ماجدٍ مَحْضِ ) .
قال : فقلت : قد اختلف المعنى فقال : أما ترى حذوَ الكلام حذواً واحداً .
وهذا الذي كتبتُ من حَلْي الأخذِ في الحَذْو .
ومما هو في حَدِّ الخفيِّ قولُ البحتري - الطويل - : .
( ولن يَنْقُلَ الحسّادُ مجدَك بَعْدَما ... تَمكَّن رَضْوَى واطمأنَّ مَتالِعُ ) .
وقولُ أبي تمام - الكامل - : .
( ولقد جَهَدتمْ أنْ تُزيلوا عِزّهُ ... فإِذا أَبانٌ قدْ رَسا ويَلَمْلَمُ ) .
قد احتذى كلُّ واحدٍ منهما على قول الفرزدق - الكامل - : .
( فادفَعْ بِكَفِّك إنْ أَردْتَ بناءَنا ... ثَهْلانَ ذا الهضبَات هَلْ يَتَحلْحَلُ ) .
وجملةُ الأمر أنَّهم لا يجعلونَ الشاعرَ مُحتذياً إلا بما يجعلونه به آخذاً ومُسترقاً . قال ذو الرمة - الوافر - : .
( وشِعْرٍ قَدْ أرِقْتُ له غَريبٍ ... أُجنِّبُه المُسانَدَ والمُحالا ) .
( فَبِتُّ أقيمُهُ وأَقُدُّ مِنهُ ... قَوافِيَ لا أُريدُ لها مِثالا ) .
قال : يقول : لا أَحذُوها على شيءٍ سمعتُه . فأَمَّا أن يُجعلَ إنشادُ الشعرِ وقراءتُه احتذاءً فممّا لا يعلمُونه . كيف وإذا عَمَد عامدٌ إلى يبتِ شعرٍ فوضعَ مكانَ كُلِّ لفظٍ لفظاً في معناه