ناقلاً له عن معناه مع إرادةِ معناه فمحالٌ مناقِضٌ .
واعلمْ أنَّ في الاستعارةِ ما لا يتصوَّرُ تقديرُ النَّقلِ فيه البتَّةَ وذلك مثلُ قولِ لبيد - الكامل - : .
( وغَداةِ رِيحٍ قَدْ كشَفْتُ وقِرَّةٍ ... إِذْ أَصْبَحَتْ بيدِ الشِّمال زِمامُها ) .
لا خلافَ في أنَّ اليد استعارةٌ . ثم إنك لا تستطيعُ أن تزعمَ أنَّ لفظَ " اليد " قد نُقِلَ عن شيءٍ إلى شيء . وذلك أنه ليس المعنى على أنه شبَّه شيئاً باليد فيمكنك أن تزعُمَ أنه نَقَلَ لفظَ اليد إليه وإنما المعنى على أنه أراد أن يُثبتَ للشِّمال في تصريفها الغداةَ على طبيعتها شَبَه الإِنسان قد أخذَ الشيءَ بيده يقلِّبه ويصرِّفه كيفَ يريد . فلما أثبتَ لها مثلَ فعلِ الإِنسان باليد استعارَ لها اليدَ . وكما لا يمكنك تقديرُ النقل في لفظِ اليد كذلك لا يمكنك أن تجعلَ الاستعارةَ فيه من صفةِ اللفظ . ألا ترى أنه محالٌ أن تقول إنه استعارَ لفظَ اليد للشمال وكذلك سبيلُ نظائره مما تجدُهم قد أثبتوا فيه للشيء عضواً من أعضاء الإِنسان من أجل إثباتهم له المعنى الذي يكون في ذلك العضو من الإِنسان كبيت الحماسة - الطويل - : .
( إِذا هَزَّهُ في عَظْمِ قرنٍ تهلَّلَتْ ... نَواجِذُ أفْواهِ المَنايا الضَّواحِكِ ) .
فإِنه لمّا جعلَ المنايا تضحَكُ جعلَ لها الأفواهَ والنواجذَ التي يكون الضحكُ فيها وكبيت المتنبي - الطويل - : .
( خميسٌ بشَرْقِ الأَرْضِ والغَرْبِ زَحْفُهُ ... وفي أُذُنِ الجَوْزاءِ منهُ زَمازِمُ ) .
لمّا جعلَ الجوزاءَ تسمعُ على عادتِهم في جعل النجومِ تَعقِلُ ووصفِهم لها لما