وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بأجزاعِ بيشةَ غَنَّتْني وإذا شاءَ أن يُغادي صِرْمةً غَادى ولو شئتَ أن تعودَ بلادَ نجدٍ عودةً عُدْتَها أذهبتَ الماءَ والرَّونقَ وخرجتَ إلى كلامٍ غثٍّ ولَفْظٍ رثٍّ . وأمّا قولُ الجوهري - الطويل - : .
( فَلمْ يُبْقٍ مِنّي الشَّوقُ غيرَ تفكُّري ... فَلَوْ شِئْتُ أن أَبْكِي بَكَيْتُ تَفَكُّرا ) .
فقد نَحا به نحوَ قولِه : وَلَو شئتُ أن أبكي دماً لبكيته فأظهرَ مفعولَ شئتُ ولم يَقُلْ : فلو شئتُ بَكَيْتُ تفكُّراً لأجل أنًّ له غَرضاً لا يتمُّ إلاّ بذكِر المَفْعولِ وذلك أنه لم يُرِدْ أن يقولَ : ولَو شئتُ أن أبكي تفكْراً بكيتُ كذلك . ولكنه أرادَ أن يقولَ : قد أَفناني النُّحولُ فلم يَبْقَ مني وفيَّ غيرُ خواطِرَ تَجولُ حتى لو شئتُ بكاءً فَمَريْتُ شُؤوني وعَصرتُ عيني ليسيلَ منها دمعٌ لم أجدْه ولخَرجَ بدلَ الدمع التفكُّرُ . فالبكاءُ الذي أرادَ إيقاعَ المشيئِة عليه مطلقٌ مُبْهم غيرُ مُعدًّى إلى التفكُّر البتَّةَ والبكاءُ الثاني مقيَّدٌ معدًّى إلى التفكُّر . وإذا كان الأمرُ كذلك صارَ الثاني كأنه شيءٌ غيرُ الأول وجرى مَجْرَى أن تقولَ : لو شئتَ أن تُعطيَ درهماً أعطيتَ درهمين . في أنَّ الثاني لا يصلحُ أن يكونَ تفسيراً للأول .
واعلمْ أنَّ هذا الذي ذكرنا ليس بصريحٍ : " أكرمتُ وأكرمني عبدُ الله " ولكنَّه شبيهٌ به في أنه إنَّما حُذِف الذي حُذِف من مفعولِ المشيئِة والإرادةِ لأن الذي يأتي في جوابِ " لو " وأخواتها يدلُّ عليه .
وإذا أردتَ ما هو صريحٌ في ذلك ثم هو نادرٌ لطيفٌ يَنْطوي على معنًى دقيقٍ وفائدةٍ جليلةٍ فانظُرْ إلى بيتِ البحتريِّ - الخفيف - : .
( قَدْ طَلَبْنا فلمْ نَجدْ لكَ في السُّؤدَدِ ... والمَجْدِ والمَكارمِ مِثْلا ) .
المعنى : قد طَلبنا لك مثلاً ثم حُذِفَ لأن ذكرَه في الثاني يدلُّ عليه . ثم إنَّ للمجيءِ به كذلك منَ الحُسْن والمزيَّة والرَّوعة ما لا يَخْفَى . ولو أنه قال : طَلبنا لكَ في السؤددِ والمجدِ والمكارمِ مثلاً فلم نجدْه لم تَرَ مِنْ هذا الحُسن الذي تراهُ شيئاً . وسببُ ذلك أنَّ الذي هو الأصلُ في المدح والغرض بالحقيقة هو نَفْيُ الوجود عنِ المثل . فأَمّا الطلبُ فكالشيءِ يُذْكرُ