أعور كان يقعد هناك فإن كان حيا فاحضروه وإن كان قد توفي فسلوا عن أولاده واكشفوا أمرهم قال فمضينا إلى هناك وسألنا عنه فوجدناه قد مات وترك بنتين إحداهما متزوجة والأخرى عاتق فرجعنا إلى كافور واخبرناه بذلك فسير في الحال واشترى لكل واحدة منهما دارا وأعطاهما مالا جزيلا وكسوة فاخرة وزوج العاتق وأجرى على كل واحدة منهما رزقا واظهر أنهما من المتعلفين به لرعاية أمورهما فلما فعل ذلك وبالغ فيه ضحك وقال أتعلمون سبب هذا قلنا لا فقال اعلموا أني مررت يوما بوالدهما المنجم وأنا في ملك ابن عباس الكاتب وأنا بحالة رثه فوقفت عليه فنظر إلي واستجلبني وقال أنت تصير إلى رجل جليل القدر وتبلغ منه مبلغا كبيرا وتنال خيرا ثم طلب مني شيئا فأعطيته درهمين كانا معي ولم يكن معي غيرهما فرمى بهما إلي وقال ابشرك بهذه البشارة وتعطيني درهمين ثم قال وأزيدك أنت والله تملك هذا البلد وأكثر منه فاذكرني إذا صرت إلى الذي وعدتك به ولا تنس فقلت له نعم فقال عاهدني أنك تفي لي ولا يشغلك ذلك عن افتقادي معاهدته ولم يأخذ مني الدرهمين ثم إني شغلت عنه بما تجدد لي من الامور والاحوال وصرت إلى هذه المنزلة ونسيت ذلك فلما أكلنا اليوم ونمت رأيته في المنام قد دخل علي وقال لي أين الوفاء بالعهد الذي بيني وبينك وإتمام وعدك لا تغدر فيغدر بك فاستيقظت وفعلت ما رأيتم ثم زاد في إحسانه إلى بنات المنجم وفاء لوالدها بما وعده والله أعلم .
ومما أسفرت عنه وجوه الاوراق واخبرت به الثقات في الآفاق وظهرت روايته بالشام والعراق وضرب به الأمثال في الوفاء بالاتفاق حديث السموأل بن عاديا وتلخيص معناه أن أمرأ القيس الكندي لما أراد المضي إلى قيصر ملك الروم أودع عند السموأل دروعا وسلاحا وأمتعه تساوي من المال جملة كثيرة فلما مات امرؤ القيس أرسل ملك كندة يطلب الدروع والاسلحة المودعة عند السموأل فقال السموأل