( والناس أكيس من أن يحمدوا رجلا ... حتى يروا عنده آثار إحسان ) .
وقال الفضل بن الربيع حج هارون الرشيد سنة من السنين فبينما أنا نائم ذات ليلة إذ سمعت قرع الباب فقلت من هذا فقال أجب أمير المؤمنين فخرج مسرعا فقال يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلى أتيتك فقال ويحك قد حاك في نفسي شيء لا يخرجه إلا عالم فانظر لى رجلا أسأله عنه فقلت ههنا سفيان بن عيينة فقال امض بنا إليه فأتيناه فقرعت عليه الباب فقال من هذا فقلت أجب أمير المؤمنين فخرج مسرعا فقال يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك فقال جد لما جئنا له فحادثه ساعة ثم قال له أعليك دين قال نعم فقال يا أبا العباس اقض دينه ثم انصرفنا فقال ما أغني عني صاحبك شيئا فانظر لى رجلا أسأله فقلت ههنا عبد الرزاق بن همام فقال امض بنا إليه فأتيناه فقرعت عليه الباب فقال من هذا قلت أجب أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك فقال جد لما جئنا به فحادثه ساعة ثم قال له أعليك دين قال نعم فقال يا أبا العباس اقض دينه ثم انصرفنا فقال ما أغنى عنى صاحبك شيء فانظر لي رجلا أسأله فقلت ههنا الفضيل بن عياض فقال امض الينا أليه فأتيناه فإذا هو قائم يصلي في غرفته يتلو آية من كتاب الله تعالى وهو يرددها فقرعت عليه الباب فقال من هذا فقلت أجب أمير المؤمنين فقال مالي ولأمير المؤمنين فقلت سبحان الله أما تجب عليك طاعته ففتح الباب ثم ارتقي إلى أعلى الغرفة فأطفأ السراج ثم التجأ إلى زاوية من زوايا الغرفة فجعلنا نجول عليه بأيدينا فسبقت كف الرشيد كفي إليه فقال أواه من كف ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله تعالى فقلت في نفسي ليكلمنه الليلة بكلام نقي من قلب نقي فقال جد لما جئنا له رحمك الله تعالى فقال وفيم جئت حملت على نفسك وجميع من معك حملوا عليك حتى لو سألتهم أن يتحملوا عنك شقصا