قال : واعلم أن أكثر اللغة مع تأمّله مجاز لا حقيقة ألا ترى أن نحو ( قام زيد ) معناه كان من القيام أي هذا الجنس من الفعلومعلوم أنه لم يكن منه جميع القيام وكيف يكون ذلك وهو جنسٌ والجنسُ يُطْلَق على جميع الماضي وجميع الحاضر وجميع الآتي من الكائنات من كلّ مَنْ وُجدَ منه القيامومعلوم أنه لا يجتمعُ لإنسان واحد في وقت واحد ولا في أوقاتٍ القيامُ كلُّه الداخل تحت الوهم .
هذا محالفحينئذ ( قام زيد ) مجاز لا حقيقة على وضع الكلّ موضع البعض للاتساع والمبالغة وتشبيه القليل بالكثيرويدلُّ على انتظام ذلك لجميع جنسه أنك تقولُه في جميع أجزاء ذلك الفعلفتقول : قمتُ قومة وقومتين وقياماً حَسناًوقياماً قبيحاًفإعمالُك إياه في جميع أجزائه يدل على أنه موضوعٌ عندهم على صَلاَحه لتناول جميعها وكذلك التأكيد في قوله : لعمري لقد أَحْبَبْتُك الحبّ كلّه .
وقوله : - من الطويل - .
( يَظُنّان كلَّ الظَّنّ أنْ لا تَلاَقيَا ... ) .
يدلان على ذلك .
قال لي أبو علي : قولنا : ( قام زيد ) بمنزلة قولنا : ( خرجتُ فإذا الأسد ) .
ومعناه أن قولهم : ( خرجت فإذا الأسد ) تعريفه هنا تعريف الجنسكقولك : ( الأسد أشدُّ من الذئب ) .
وأنت لا تُريد أنك خرجتَ وجميعُ الأسْد التي يتناولها الوَهْم على الباب .
هذا محالوإنما أردتَ : فإذا واحد من هذا الجنس بالبابفوضعت لفظ الجماعة على الواحد مجازاًلما فيه من الاتّساع والتوكيد والتشبيه : .
أما الاتّساع فلأنك وضعتً اللفظ المعتادَ للجماعة على الواحد .
وأما التوكيد فلأنك نَظَمْت قدرَ ذلك الواحد بأن جئتَ بلفظه على اللفظ المعتاد للجماعة .
وأما التشبيه فلأنك شبَّهتَ الواحد بالجماعة لأن كلَّ واحد منها مثلُه في كونه أسداًوإذا كان كذلك فمثلُه : ( قعد زيد وانطلق ) ( وجاء الليل ) و ( انصرم النهار ) .
وكذلك ضربت زيداًمجازاً أيضاً من جهة أخرى سوى التجوّز في الفعل