في الابتداء على لُغَة واحدة وما سواها من اللغات وقعَ التوقيف عليها بعد الطوفان من اللّه تعالى في أولاد نوح حين تفرَّقوا في أقطار الأرض .
قال : وقد رُوي عن ابن عباس : أول من تكلم بالعربية المحضة إسماعيل .
وأَرادَ به عربيةَ قريش التي نزل بها القرآن .
وأما عربية قَحْطان وحمْير فكانت قبلَ إسماعيل عليه السلام .
وقال في شرح الأسماء : قال الجمهور الأعظم من الصحابة والتابعين من المفسرين : إنها كلَّها توقيفٌ من اللّه تعالى .
وقال أهلُ التحقيق من أصحابنا : لا بدّ من التوقيف في أصل اللغة الواحدة لاسْتحَالة وقوع الاصطلاح على أوَّل اللغات من غير معرفةٍ من المصطلحين بعَين ما اصطلحوا عليه وإذا حصلَ التوقيفُ على لغةٍ واحدة جاز أن يكونَ ما بعدَها من اللغات اصطلاحاً وأن يكون تَوقيفاً ولا يُقْطَع بأحدهما إلاّ بدلالة .
قال : واختلفوا في لغة العرَب فمَن زعم أن اللغات كلَّها اصطلاحٌ فكذا قوله في لغة العرب ومن قال بالتَّوقيف على اللغة الأولى وأجاز الاصطلاحَ فيما سواها من اللغات اختلفوا في لغة العرب فمنهم من قال : هي أول اللغات وكلُّ لغةٍ سواها حدثَتْ بعدها إما توقيفاً أو اصطلاحاً واستدلوا بأن القرآن كلامُ اللّه وهو عربيّ وهو دليلٌ على أن لغةَ العرب أسبقُ اللغات وجوداً .
ومنهم من قال : لغة العرب نوعان : .
أحدهما - عربيةُ حمْير وهي التي تكلّموا بها من عَهْد هود ومَنْ قَبله وبقي بعضُها إلى وقتنا .
- والثانية - العربيَّةُ المحْضَة التي نزل بها القرآن وأولُ من أُنْطقَ لسانُه بها إسماعيل فعلى هذا القول يكون توقيف إسماعيل على العربية المحْضة يَحْتَمل أمرين : إما أن يكون اصطلاحاً بينه وبين جُرْهم النازلين عليه بمكة وإما أن يكون توقيفاً من اللّه تعالى وهو الصواب . انتهى .
- ذكر الآثار الواردة في أن اللّه تعالى علم آدم عليه السلام اللغات : - .
قال وَكيع في تفسيره : حدَّثنا شرَيك عن عاصم بن كليب الجرمي عن سعيد ابن معبد عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى : ( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْماَءَ كُلهَّاَ ) .
قال : علّمه كلَّ شيء علَّمه القَصْعَةَ وَالْقُصَيْعَة والفَسوَة والفُسَيْوَةَ .
أخرجه ابنُ جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر في تفاسيرهم بلفظ : علَّمه اسم الصحْفَة والقدْر وكلَّ شيءٍ حتى الفسوة والفسيّة