فغنوه وهو يحرك رأسه وكتفيه ويطرب ويصفق فما زلنا يومنا مسرورين فلما ثمل ودعني وقام فانصرف وأمرت غلماني فخرجوا معه إلى الباب فإذا غلام منهم قد انصرف إلي بقطعة قرطاس وقال دفعها إلي أبو سعد المخزومي وأمرني أن أدفعها إليك فقرأتها فإذا فيها .
( لِدعبلٍ مِنّهَ يَمنُّ بها ... فلست حتى الممات أنساها ) .
( أدخلَنا بيته فأكرمنا ... ودَس بامرأته فنكناها ) .
فقال ويلي على ابن الفاعلة هاتوا جلداً وداوة قال فردوهما علي فعدت غلى هجائه ولقيته بعد يومين أو ثلاثة فما سلم علي ولا سلمت عليه .
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا ابن مهرويه قال حدثنا علي بن عبد الله بن سعد أنه سمع دعبلاً يحدث بخيره هذا مع أبي سعد فذكر نحو ما ذكره العنزي .
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم قال حدثني أحمد بن أبي كامل قال رأيت دعبلاً قد لقي أبا سعد في الرصافة وعليهما السواد وسيفاهما على أكتافهما فشد دعبل على أبي سعد فقنعه فركض أبو سعد بين يديه هارباً وركض دعبل في أثره وهو يهرب منه حتى غاب قال وكنت أرى ابا سعد يجلس مع بني مخزوم في دار المأمون فتظلموا منه إلى المأمون وذكروا أنهم لا يعرفون له فيهم نسباً فأمرهم المأمون بنفيه فانتفوا منه وكتبوا بذلك كتاباً فقال دعبل فيه يذكر ذلك من قصيدة طويلة .
( غير أن الصِّيد منهمْ ... قنّعوه بخَزايه ) .
( كتبوا الصّك عليه ... فَهْو بين الناس آيه ) .
( فإذا أقبل يوماً ... قيل قد جاء النُّفَايه )