صحيفة ودواة وأنا أهجوه فيها إذ دخل علي غلام لي فقال أبو سعد المخزومي بالباب فقلت له كذبت فقال وهو عارف بأبي سعد بلى والله يا مولاي فأمرته برفع الدواة والجلد الذي كان بين يدي وأذنت له في الدخول وجعلت أحمد الله في نفسي فأقول الحمد لله الذي أصلح بيني وبينه من هتك الأعراض وذكر القبيح وكان الابتداء منه فقمت إليه وسلمت عليه وهو ضاحك مسرور فأبديت له مثل ذلك من السرور به ثم قلت أصبحت والله حاسدا لك قال على ماذا يا أبا علي فقلت بسبقك إياي إلى الفضل .
فقال لي أنا اليوم في دعوى عندك فقلت قل ما أحببت فقال إن كان عندك ما نأكله وإلا ففي منزلي شيء معد فسألت الغلمان فقالوا عندنا قدر أمسية فقال غاية واتفاق جيد فهل عندك شيء نشربه وإلا وجهت إلى منزلي ففيه شراب معد فقلت له عندنا ما نشرب فطرح ثيابه ورد دابته وقال أحب ألا يكون معنا غيرنا فتغدينا وشربنا فلما أن أخذ الشراب منا قال مر غلاميك يغنياني فأمرت الغلامين فغنياه فطرب وفرح واستحسن الغناء حتى سرني وأطربني معه ثم قال حاجتي إليك يا أبا علي أن تأمرهما بأن يغنياني في هجائك لي وكان الغلامان لكثرة ما يسمعانه مني في هجائي قد حفظا منه أشياء ولحناها فقلت له سبحان الله يا أبا سعد قد طفئت النائرة وذهبت العداوة بيننا وانقطع الشر فما حاجتك إلى هذا فقال لي سألتك بالله إلا فعلت فليس يشق ذلك علي ولو كرهته لما سألته فقلت في نفسي أترى أبا سعد يتماجن علي يا غلمان غنوه بما يريد فقال غنوه .
( يا أبا سعد قوْصَرَة ... زاني الأخت والمره )