وزعم علماء بني عامر أنه لما انهزم الناس خرجت بنو عامر وحلفاؤهم في آثارهم يقتلون ويأسرون ويسلبون فلحق قيس بن المنتفق بن عامر بن طفيل بن عقيل عمرو بن عمرو فأسره .
فأقبل الحارث بن الأبرص بن ربيعة بن عقيل في سرعان الخيل فرآه عمرو مقبلا فقال لقيس إن أدركني الحارث قتلني وفاتك ما تلتمس عندي فهل أنت محسن إلي وإلى نفسك تجز ناصيتي فتجعلها في كنانتك ولك العهد لأفين لك ففعل .
وأدركهما الحارث وهو ينادي قيسا ويقول أقتل أقتل .
فلحق عمرو بقومه .
فلما كان الشهر الحرام خرج قيس إلى عمرو يستثيبه وتبعه الحارث بن الأبرص حتى قدما على عمرو بن عمرو فأمر عمرو بن عمرو ابنة أخية آمنة بنت زيد بن عمرو فقال اضربي على قيس الذي أنعم على عمك هذه القبة .
وقد كان الحارث قتل أباها زيدا يوم جبلة .
فجاءت بالقبة فرأت الحارث أهيأهما وأجملهما فظنته قيسا فضربت القبة على رأسه وهي تقول هذا والله رجل لم يطلع الدهر عليه بما اطلع به علي .
فلما رجعت إلى عمها عمرو قال يابنة أخي على من ضربت القبة فنعتت له نعت الحارث .
فقال ضربتها والله على رجل قتل أباك وأمر بقتل عمك .
فجزعت مما قال لها عمها .
فقال الحارث بن الأبرص .
( أمَا تَدْرين يابنةَ آلِ زَيْدٍ ... أُمَيْنُ بما أجَنّ اليومَ صدري ) .
( فكم من فارسٍ لم تُرْزَئيه ... فَتَى الفتيانِ في عِيصٍ وقصر ) .
( رأيتُ مكانَه فصددتُ عنه ... فأعيا أمره وشددتُ أزري ) .
( لقد آمرتُه فعَصَى إمَارِي ... بأمِّ عزيمةٍ في جَنْبِ عمرو ) .
( أمرت به لتَخْمُشَ حَنَّتَاهُ ... فضيّع أمرَه قيسٌ وأمري )