ابن سيدة المحدث محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن عمر بن صابر السلمي أبو طالب ابن أبي المعالي المعروف بابن سيدة من أهل دمشق من أولاد المحدثين سمع أباه وأبا طاهر الخشوعي وأبا محمد بن عساكر وغيرهم وسافر إلى مصر وسمع بها البوصيري واسمعيل بن صالح بن ياسين المقرىء وكانت له دنيا واسعة وحال حسنة يتقلب فيها على مراد قلبه فزهد فيها في عنفوان شبابه وطرحها وصحب الصالحين وجاوز بمكة سنين عديدة وحضر مع الشيخ عمر السهر وردي إلى بغداذ لما حضر من الشام وسمع بها أثنى عليه ابن النجار وقال : سمعت منه عن والده وغيره ولم أر إنساناً كاملاً غيره فإنه زاهد عابد ورع تقي كثير الصيام والصلاة محافظ على الأوراد يكثر تلاوة القرآن ومطالعة كتب العلم وكتب بخطه كثيراً من الأحاديث وكلام المشايخ وتوفى بدمشق سنة سبع وثلثين وست ماية .
القاضي شرف الدين ابن عين الدولة محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي القسم بن صدقة بن حفص قاضي القضاة أبو المكارم شرف الدين ابن القاضي الرشيد ابن القاضي أبي المجد الصفراوي الاسكندري المصري الشافعي المعروف بابن عين الدولة ولد بالاسكندرية سنة إحدى وخمسين وخمس ماية وقدم القاهرة سنة ثلث وسبعين وكتب لقاضي القضاة صدر الدين ابن درباس ثم ناب عنه في القضاء وحكم بالاسكندرية من أعمامه وأخواله ثمانية وناب في القضاء أيضاً عن قاضي القضاة ابن أبي عصرون وعن زين الدين علي بن يوسف الدمشقي وعن عماد الدين ابن السكر ثم استقل بالقضاء بالقاهرة وولي القضاء بالديار المصرية وبعض الشامية سنة سبع عشرة وكان عارفاً بالأحكام مطلعاً على غوامضها وكتب الخط الجيد وله نظم ونثر وكان يحفظ من شعر المتقدمين والمتأخرين جملة وعزل عن قضاء مصر ببدر الدين السنجاري وبقي قاضياً بالقاهرة وبالوجه البحري ونقل المصريون عنه كثيراً من النوادر والزوايد كان يقولها بسكون وناموس ومن شعره : .
وليت القضاء وليت القضا ... ء لم يك شيئاً توليته .
فأوقعني في القضاء القضا ... وما كنت قدماً تمنيته .
وتوفي سنة تسع وثلثين وست وماية وسأله الكامل عن سنه فقال ارتجالاً : .
يا سايلي عن قوى جسمي وما فعلت ... فيه السنون ألا فاعلمه تبيينا .
ثاء الثلاثين أحسست الفتور بها ... فكيف حالي في ثاء الثمانينا .
تقدم إلى القاضي شرف الدين ابن عين الدولة رجلان من أهل الفسطاط فقال أحدهما : لي عند هذا كذا وكذا زبدية من ألوان الطعام قدمتها إليه وقد ورد من السفر ووصلت أنا من سفرتي هذه ولم يقدم لي مثلها فقال : يا وفي الدولة اسمع ما يقول كريم الدولة فانقلب المجلس ضحكا .
أبو عبد الله الصوفي محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المجيد المصري أبو عبد الله بن أبي القسم الصوفي شيخ رباط المأمونية ولي مشيخة الرباط بعد والده وعمره اثنتا عشرة سنة فأقام به شيخاً عشرين سنة ثم غزل اسمعه والده من أبي الفرج ابن كليب وأبي القسم ابن بوش وذاكر بن كامل وعبد الحق ابن الصابوني وطلب هو بنفسه وسمع من أصحاب أبي القسم ابن الحصين وأبي بكر ابن الأنصاري قال ابن النجار : وقد سمعت منه كثيراً برباطه له معرفة بالفقه والخلاف وقرأ القرآن بالروايات وحصل من اللغة والنحو طرفاً صالحاً وكتب خطاً جيداً وله نظم مليح وكان أظرف أهل زمانه وألطفهم أخلاقاً وأوسعهم صدراً وأتمهم مروءة وأنشدنى لنفسه : .
أيها المعرض عني ... صل ودع عنك التجني .
قد رمت عيناك سهماً ... فأصاب القلب مني .
وقال ابن النجار : وقال لي : أنشدتهما لأبي عبد الله محمد بن أبي العز ابن جميل فأنشدنى لنفسه : .
يا مليح الوجه صلني ... أخذ الهجران مني .
فالضنى ترويه أجفا ... نك عن خصرك عني .
وتوفي سنة تسع وثلثين وست ماية