تُراعي نجوماً فيك من حَرّ قلبها ... وتبكي بدَمعي فارحٍ وحزين .
غدا قلبُها صَباً عليك وأنتَ إن ... تأخرتَ أضحى في حِياضِ مَنُون .
وكتب ناصر الدين حسن بن النقيب الفُقّيسي إلى النصير وقد حصل له رَمَدٌ : .
يقولون لي عين النصير تألمت ... ولازمه في جَفنه الحَكُّ والأكلُ .
فقلت أعينُ الرأسِ أم عين غيرِه ... فَلِلعُلوِّ شيءٌ لا يُداوَى به السُفل .
فقالوا بلِ العين التي تحت صُلبه ... فقلت لها التشييفُ عندي والكحل .
ومِيلٌ بماء الريق يَبتلُّ سُفلُه ... فيدخل سهلاً غيرَ صَعبٍ ويَنسَل .
وأغسِلها بالبَيضِ واللبَن الذي ... عليَّ بتقطيري له يجبُ الغَسل .
فإن شاء وافيتُ الأديبَ مُداوياً ... ولم أشتغل عنه وإن كان لي شُغل .
فكتب النصير الجواب عن ذلك : .
أيا مَن له في الطبّ علمُ مباشرٍ ... وما كلُّ ذي قولٍ له القول والفعلُ .
أتيتَ بِطبٍّ قد حوى البيعَ والشِرى ... يبيِّن لي في ذلك الخَرج والدَخل .
وإن كان ذا سهلاً بطبّك إنه ... بِسقميَ صَعبٌ ليس هذا به سَهل .
فلا عدِم المملوك منك مداوياً ... وما زال للمولى على عبده الفضل .
وكتب إليه النقيب أيضاً وهو بقربه وفي خُطه : .
رَغبتُ في كَسبِ أَجرٍ ... وفي اغتنام مَثوبهْ .
وهان ما كان فيه ... من السَّراحِ صَعوبهْ .
ولستُ في أرضِ شامٍ ... ولستُ في أرضِ نوبه .
وبيننا رَميُ سَهمٍ ... غَلِطتُ بل رَجمُ طُوبه .
فكتب النصير الجواب عن ذلك : .
رُحماك يا خيرَ مَولى ... ففي العِتاب عُقوبَه .
وأنت إن زِدت عَتبا ... يَغدو غُلامُك قُوبَه .
والعبدُ ما زال يهوَى ... لا بل يحب الرُطوبه .
تموز فكرك والعَبدُ ... فكرُه فيك طُوبَه .
ومن شعر النصير دوبيت : .
في وجهك للجمال والحُسن فنون ... في طَرفك للسحر فُتورٌ وفُتون .
إنِّي أسلو هَواكَ يا مَن باتت ... عيناه تقول للهَوى كُن فيكون .
ومنه : .
إن عجل النوروز قبل الوفا ... عجَّل للعالَم صَفعَ القَفا .
فقد كفى من دَمعِهم ما جَرى ... وما جرى من نَيلِهِم ما كَفى .
أنشدني إجازةً العلامةُ أثير الدين أبو حيان قال : أنشدني النصير الحمامي لنفسه : .
إنّي لأكرَهُ في الأنام ثلاثةً ... ما إن لها في عَدّها مِن زائدِ .
قُربَ البخيل وجاهلاً متعاقلاً ... لا يستحي وتودُّداً من حاسد .
ومن البليَّة والرَزِية أن تَرَى ... هذي الثلاثةَ جُمِعَت في واحد .
وكتب النصير إلى السِراج الوراق من أبيات : .
كنتُ مثل الغَزال والله يكفي ... صِرتُ في وجهه إذا جئتُ كلبَا .
ولعَمري لا ذَنبَ لي غير أني ... تُبتُ لله ظَنّ ذلك ذَنبا .
وهو لَو جاءَني وقد تُبتُ حتى ... يبتغي حاجةً فلَن أتأبَّى .
فكتب الوراق الجواب ومنه : .
وأتى الطَّبيُ مُرسلاً منك فاستغ ... ربتُ لمّا دَعوتَ نَفسَك كلبا .
ولَكَم جئتَ عادياً خلفَهُ تلهثُ ... عَدواً للصيد بُعداً وقُربا .
غير أني نظرتُ عينَ صَفيِّ الدين ... كادت أن تشرب الظبيَ شُربا .
فاترِك التوبة التي قد رآها ... لك وِزراً كما زَعمتَ وذَنبا .
واجتهد في رضاه عنك وقَرِّب ... كلَّ نَأي المدَى تَنَل منه قُربا .
فلَكَم رُضتَ جامحاً في تراضيه ... وذلَّلتَ بالسَفارة صَعبا .
وكتب إلى السراج أيضاً مُلغِزاً في نون : .
ما اسمٌ ثلاثيٌ يُرى واحداً ... وقد يُعّدُّ اثنين مكتوبُه .
يظهَر لي من بَعضه كله ... إذ كل حَرفٍ منه مقلوبُه .
أضِف ثمانين إلى ستةٍ ... إن شئتَ لا يَعدوك محسوبُه .
اطلبُهُ في البرِّ وفي البَحر ... لا فات حِجَى مولايَ مطلوبُه .
فكتب الجواب الوراق :