ابن العميد الكاتب محمد بن الحسين بن محمد أبو الفضل بن أبي عبد الله الكاتب المعوف بابن المعميد لقب والده بذلك على عادة أهل خراسان في التعظيم وكان والده يلقب بكله بضم الكاف وفتح اللام مخففة وبعدها هاء وسيأتي ذكره في ترجمة على بن محمد الأسكافي الكاتب وكان ابن العميد وزير ركن الدولة أبي على الحسن بن بويه والد عضد الدولة تولى وزارته عقيب موت وزيره أبي على القمى سنة ثمان وعشرين وثلث ماية وكان متوسعاً في علوم الفلسة والنجوم وأما الأدب والترسل فلم يقاربه في ذلك أحد في زمانه كان يسمى الحافظ الثاني قال الثعالبي : كان يقال بدئت الكتابة بعبد الحميد وختمت بابن العميد وكان كامل الرياسة جليل المقدار من بعض اتباعه الصاحب ابن عباد ولأجل صحبته له قيل له الصاحب وكان يقال له الأستاذ توجه الصاحب إلى بغداد وعاد فقال له كيف وجدتها فقال له بغدادي في البلاد كالاستاذ في العباد وكان سايسا مدبرا للملك قصده جماعة من الشعراء من البلاد الشاسعة منهم أبو الطيب المتنبي مدحه بقصيدته التي أولها : .
باد هواك صبرت أم لم تصبرا ... وبكاك أن لم يجر دمعك أو جرى .
فوصله بثلثة آلاف دينارن ومدحه ابن نباتة السعدي بقصيدة أولها : .
برح اشتياق وادكار ... ولهيب أنفاس حرار .
فتأخرت صلة ابن العميد عنه وطالت المدة فدخل عليه وهو في مجلسه الحفل وجرى بينهما محاورة ومجاوبة طويلة إلى أن قام ابن العميد من مجلسه مغضبا ولما كان ثاني يوم طلبه ليصله فلم يقع له عل خبر وكان حسرة في قلب ابن العميد إلى أن مات وقد ذكر هذه الواقعة بطولها ابن خلكان ثم لم يثبتها لابن العميد إلى أن مات وقد ذكر هذه الواقعة بطولها ابن خلكان ثم لم يثبتها لابن نباتة ولابن عباد فيه مدايح كثيرة ومن شعر ابن العميد : .
رأيت في الوجه طاقة بقيت ... سوداء عيني تحب رؤيتها .
فقلت للبيض إذ تروعها ... بالله إلا رحمت وحدتها .
فقل لبث السوداء في بلد ... تكون فيه البيضاء ضرتها .
توفي ابن العميد في صفر وقيل في المحرم بالرى وقيل ببغداد سنة ستين وثلث ماية لما مات رتب مخدومه ركن الدولة ولده ذا الكفايتين أبا الفتح عليا مكانه وسيأتي ذكر أبي الفتح على في مكانه أن شاء الله تعالى .
آخر الجزء الثاني من الوافي بالوفيات يتلوه أن شاء الله تعالى محمد بن الحسين بن عبد الله والحمد لله وحده .
الجزء الثالث .
بسم الله الرحمن الرحيم .
رب أعن .
الوزير أبو شجاع محمد بن الحسين بن عبد الله بن إبراهيم الملقب ظهير الدين أبو شجاع الروذاروري الأصل الهوازي المولد قرأ الفقه على الشيخ أبي إسحاق وقرأ الأدب وولي الوزارة للإمام المقتدى بعد عزل عميد الدولة أبي منصور بن جهير ثم أعيد عميد الدولة ولما قرأ شجاع التوقيع بعزله أنشد : .
تولاها وليس له عدو ... وفارقها وليس له صديق .
وخرج بعد عزله ماشياً يوم الجمعة إلى الجامع من داره وانثالت عليه العامة تصافحه وتدعو له فألزم لذلك بالجلوس في بيته ثم أخرج إلى روذراور فأقام هناك مدة ثم خرج إلى الحج وخرجت العرب على الحج فلم يسلم غيره وجاور بعد الحج إلى أن توفي بمدينة النبي A سنة ثمان وثمانين وأربع ماية ودفن بالبقيع عند قبة إبراهيم بن النبي A وقد اثنى العماد الكاتب على أيام وزارته وكذلك ابن الهمذاني في الذيل C تعالى لما قرب أمره وحان ارتحاله حمل إلى مسجد النبي A فوقف عند الحظيرة وبكى وقال : يا رسول الله قال الله تعالى : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما ولقد جئتك معترفا بذنوبي وجرايمي أرجو شفاعتك وبكى ورجع فتوفي من يومه وكان أيام وزارته لا يخرج من بيته حتى يكتب شيئاً من القرآن ويقرأ في المصحف ويزكى أمواله الظاهرة والباطنة في ضياعه وأملاكه ويتصدق سرا واذكر الناس بأيامه عدل العادلين وعمل ذيلاً على تجارب الأمم وله شعر حسن مدون منه : .
أيذهب جل العمر بيني وبينكم ... بغير لقاء إن ذا لشديد .
فإن يسمح الدهر الخؤون بوصلكم ... على فاقتي إني إذاً لسعيد .
ومنه وهو لطيف :