علي بن عساكر بن المرجب بن العوام أبو الحسن البطائحي الضرير المعري من قرية المحمدية . قدم بغداد صغيراً واستوطنها إلى أن توفي بها سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة . قرأ بها القرآن على أبي العز محمد بن الحسين القلانسي وأبي عبد الله الحسين الدباس وأبي بكر محمد بن الحسين المزرفي وسبط أبي منصور الخياط وغيرهم . وقرأ الأدب على الشريف أبي البركات عمر بن إبراهيم الزيدي الكوفي . وسمع الكثير من أحمد بن عبد الجبار الصيرفي وعبد القادر بن محمد بن يوسف ومحمد بن أبي يعلى ابن الفراء وأحمد بن الحسن ابن البناء وغيرهم .
وحدث وأقرأ الناس وصنف في القرآن عدة مفردات . وكان إماماً كبيراً في القراءات ووجوهها وعللها وطرقها وحسن الأداء والإتقان والثقة والصدق . وكان يعرف النحو جيداً وكان حسن الطريقة . روى عنه ابن الأخضر وأبو العباس البندنيجي وداود بن معمر القرشي .
النمدجاني الشاعر علي بن عطاء أبو الحسن النمدجاني . قال ابن رشيق في الأنموذج : كان شاعراً مشتهراً بالمجانة سكيراً لا يكاد يرى صاحياً البتة . سلك طريق أبي الرقعمعق في التهكم والتحامق وصحبه بمصر مدة طويلة ثم رجع فاستحسن الإقامة بجزيرة صقيلية لما فيها من الشراب . وتوفي سنة ثمان عشرة وأربع مائة وقد أسن وكان شيخاً أعرج وفي نفسه يقول : من الهزج .
تبديت إلى الناس ... فقالوا : أنت إبليس .
رأوا شيخاً قبيح الوجه ... في طمريه تدنيس .
ورجلاً فعلها في الأ ... ض لا تفعله ألفوس .
فلما استثبتوا أمري ... وأمري فيه تلبيس .
رموني بالذي في ... وقالوا إنه بيس .
فقلت : الحسن محمود ... هبوا أني طاووس .
وقال أيضاً : من مخلع البسيط .
رأت مشيبي فأنكرته ... فقلت : لم تنكري لذاك .
قالت : من العرج أنت أيضاً ... فقلت : لا إنما أحاكي .
ابن الزقاق علي بن عطية بن مطرف أبو الحسن اللخمي البلنسي الشاعر المشهور المعروف بابن الزقاق . أخذ عن ابن السيد واشتهر وامتدح الأكابر . وجود النظم وتوفي دون الأربعين سنة ثمان وعشرين وخمس مائة . من شعره يصف قوساً : من الكامل .
أفديك من نبعية زوراء ... مشغوفة بمقاتل الأعداء .
ألفت حمام الأيك وهي نضيرة ... واليوم تألفها بكسر الحاء .
قلت : أخذه من قول أبي تمام : من الكامل .
هن الحمام فإن كسرت عيافة ... من حائهن فإنهن حمام .
ومنه : من الرمل .
كلما مال بها سكر الصبا ... مال بي سكر هواها والتصابي .
أسعرت في عبراتي خجلاً ... إذ تجلت فتغطت بالنقاب .
كذكاء الدجن مهما هطلت ... عبرة المزن توارت بالحجاب .
ومنه : من الوافر .
عذيري من هضيم الكشح أحوى ... رخيم الدل قد لبس الثيابا .
أعد الهجر هاجرة لقلبي ... وصير وعده فيها سرابا .
ومنه : من المنسرح .
وأغيد طاف بالكؤوس ضحى ... فحثها والصباح قد وضحا .
والروض يبدي لنا شقائقه ... وآسه العنبري قد نفحا .
قلنا : وأين الأقاح ؟ قال لنا : ... أودعته ثغر من سقى القدحا .
فظل ساقي المدام يجحد ما ... قال فلما تبسم افتضحا .
ومنه : من الطويل .
ألمت فبات الليل من قصر بها ... يطير وما غير السرور جناح .
وبت وقد زارت بأنعم ليلة ... يعانقني حتى الصباح صباح .
على عاتقي من ساعديها خمائل ... وفي خصرها من ساعدي وشاح .
ومنه : من الكامل .
ما كان أحسن شملنا ونظامه ... لو كنت لا تصغي لقول الكاشح .
إني لأعجب كيف يغرب عنك ما ... أضمرت فيك وأنت بين جوانحي .
ومنه : من الخفيف .
نثر الورد في الغدير وقد درجه بالهبوب نشر الرياح .
مثل درع الكمي مزقها الطعن فسالت به دماء الجراح .
ومنه في بلنسية : من الوافر .
بلنسية إذا فكرت فيها ... وفي آياتها أسنى البلاد .
وأعظم شاهدي منها عليها ... بأن جمالها للعين باد