حسنك ما تنقضي عجائبه ... كالبحر حدث عنه بلا حرج .
بحق من خط عذاريك ومن ... سلط سلطانها على المهج .
مد يديك الكريمتين ومن ... ثم ادع لي من هواك بالفرج .
ومنه : من الخفيف .
قل لمن خده من اللحظ دام : ... رق لي من جوانح فيك تدمى .
يا سقيم الجفون من غير سقم ... لا تلمني إن مت منهن سقما .
أنا خاطرت في هواك بقلب ... ركب البحر فيك أما وأما .
قلت : شعر جيد : ولكن أين هذه الديباجة من ديباجة أخيه الرضي ؟ الجامع الباقولي النحوي علي بن الحسين بن علي الضرير أبو الحسن النحوي الباقولي المعروف بالجامع . ذكره أبو الحسن البيهقي في كتاب الوشاح فقال : هو في النحو والإعراب كعبة لها أفاضل العصر سدنة والفضل بعد جفائه أسوة حسنة . وقد بعث إلى خراسان ببيت الفرزدق المشهور في شهور سنة خمس وثلاثين وخمس مائة وهو : من الطويل .
وليست خراسان التي كان خالد ... بها أسد إذ كان سيفاً أميرها .
وكتب كل فاضل من أفاضل خراسان لهذا البيت شرحاً . ثم قال : وهذا الإمام استدرك على أبي علي الفسوي وعبد القاهر وله هذه الرتبة ومن شعره : من الرمل .
أحبب النحو من العلم فقد ... يدرك المرء به أعلى الشرف .
إنما النحوي في مجلسه ... كشهاب ثاقب بين السدف .
يخرج القرآن من فيه كما ... تخرج الدرة من جوف الصدف .
وله من التصانيف : شرح اللمع كتاب كشف المعضلات وإيضاح المشكلات في علل القراءات وكتاب الجواهر وكتاب المجمل وكتاب الاستدراك على أبي علي وكتاب البيان في شواهد القرآن .
أبو الفرج ابن هندو علي بن الحسين بن هندو أبو الفرج الكاتب الأديب الشاعر . له رسائل مدونة وكان أحد كتاب الإنشاء في ديوان عضد الدولة . وكان متفلسفاً قرأ كتب الأوائل على أبي الحسن العامري بنيسابور ثم علي أبي الخير ابن الجمار . وورد بغداد في أيام أبي غالب ابن خلف الوزير فخر الملك ومدحه . وكان يلبس الدراعة على رسم الكتاب . ولأبي الفرج هذا ابن يدعى أبا الشرف عماداً ذكره الباخرزي في دمية القصر وأورد له شعراً متوسطاً . وقال أبو الفضل البندنيجي : هو من أهل الري وشاهدته بجرجان في سني بضع عشرة وأربع مائة كاتباً بها . وكان به ضرب من السوداء وكان قليل القدرة على شرب النبيذ فاتفق أنه كان يوماً عند أبي الفتح ابن أبي علي حمد كاتب قابوس بن وشمكير وأنا معه فدخل أبو علي الموضع ونظر فيما كان بين أيدينا من الكتب . وتناشد هو وابن هندو الأشعار . وحضر الطعام فأكلنا وانتقلنا إلى مجلس الشراب فلم يطق ابن هندو المساعدة على ذلك فكتب في رقعة دفعها إليه : من الخفيف .
قد كفاني من المدام شميم ... صالحتني النهى وثاب الغريم .
هي جهد العقول سمي راحاً ... مثل ما قيل للديغ سليم .
إن تكن جنة النعيم فيها ... من أذى السكر والخمار جحيم .
فلما قرأها ضحك وأعفاه من الشرب .
ومن شعره أيضاً : من الطويل .
أرى الخمر ناراً والنفوس جواهراً ... فإن شربت أبدت طباع الجواهر .
فلا تفضحن النفس يوماً بشربها ... إذا لم تثق منها بحسن السرائر .
ومنه : من الكامل .
ما للمعيل وللمعالي إنما ... يسمو إليهن الوحيد الفارد .
فالشمس تجتاب السماء فريدةً ... وأبو بنات النعش فيها راكد .
ومنه : من مخلع البسيط .
عابوه لما التحى فقلنا : ... عبتم وغبتم عن الجمال .
هذا غزال ولا عجيب ... أن يظهر المسك من غزال .
ومنه : من الطويل .
تعرضت الدنيا بلذة مطعم ... وزخرف موشي من اللبس رائق .
أراد سفاهاً أن يموه قبحها ... على فكر خاضت بحار الدقائق .
فلا تخدعينا بالشراب فإننا ... قتلنا نهانا في طلاب الحقائق .
ومدح أبو الفرج منوجهر بن قابوس بقصيدة تأنق فيها وأنشده إياها فلم يفهمها ولا أثابه عليها فقال : من البسيط .
يا ويح فضلي أما في الناس من رجل ... يحنو عليه أما في الأرض من ملك ؟