ولما بلغ ثلاثاً وخمسين سنة هاجر إلى المدينة A أبو بكر الصديق Bه ومولى أبي بكر عامر مبن فهيرة ودليلهم عبد الله بن الأريقط الليثي قال الحافظ عبد الغني وغيره وهو كافر ولم نعرف له إسلاماً فأقام بالمدينة عشر سنين وكان يصلي إلى بيت المقدس مدة إقامته بمكة ولا يستدير الكعبة يجعلها بين يديه وصلى إلى بيت المقدس بعد قدومه المدينة سبعة عشر شهراً أو ستة عشر شهراً . ولما أكمل في المدينة عشر سنين سواء توفى وقد بلغ ثلاثاً وستين وقيل غير ذلك وفيما تقدم من التواريخ خلاف وكانت وفاته يوم الاثنين حين اشتد الضحاء لثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول ومرض أربعة عشر يوماً ودفن ليلة الأربعاء ولما حضره الموت كان عنده قدح فيه ماء فجعل يدخل يده فيه ويمسح وجهه ويقول اللهم اعني على سكرات الموت وسجي بيرد حبرة وقيل أن الملائكة سحبه وكذب بعض أصحابه بموته دهشة تحكي عن عمر Bه وأخرس عثمان Bه وأقعد علي Bه ولم يكن فيهم أثبت من العباس وأبي بكر ثم أن الناس سمعوا من باب الحجرة لا تغسلوه فإنه طاهر مطهر ثم سمعوا بعد ذلك اغسلوه فإن ذلك إبليس وأنا الخضر وعزاهم فقال إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفاً من كل هالك ودركاً من كل فايت فبالله فثقوا وإياه فأرجوا فإن المصاب من حرم الثواب واختلفوا في غسله هل يكون في ثيابه أو يجرد عنها فوضع الله عليهم النوم فقال قايل لا يدري من هو اغسله في ثيابه فانتبهوا وفعلوا ذلك والذين ولوا غسله علي والعباس وولداه الفضل وقثم وأسامة وشقران مولياه وحضرهم أوس بن خولي من الأنصار ونفضه علي فلم يخرج منه شيء فقال صلى الله عليك لقد طبت حيا وميتا وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة بل لفائف من غير خياطة وصلى المسلمون عليه أفذاذاً لم يؤمهم أحد وفرش تحته في القبر قطيفة حمراء كان يتغطى بها نزل شقران وحفر له والحد وأطبق عليه تسع لبنات واختلفوا أيلحد له أم يضرح وكان بالمدينة حفاران أحدهما يلحد وهو أبو طلحة والآخر يضرح وهو أبو عبيدة فاتفقوا أن من جاء منهما أولاً عمل عليه فجاء الذي يلحد فلحد له ونحى فراشه وحفر له مكانه في بيت عائشة وقال الحافظ عبد الغني حول فراشه وكان ابتداء وجعه في بيت عائشة واشتد أمره في بيت ميمونة فطلب من نسائه أن يمرض في بيت عائشة Bه فأذن له في ذلك وكان ما ابتدأ به من الوجع صداع وتمادى به وكان ينفث في علته شيئاً يشبه أكل الزبيب ومات بعد أن خيره الله تعالى بين البقاء في الدنيا ولقاء ربه فاختار لقاء الله تعالى اصطفاؤه روى البخاري عن أبي هريرة Bه أن رسول الله A قال بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرنا حتى كنت من خير قرن كنت منه وروى مسلم والترمذي عن واثلة بن الأسقع قال سمعت رسول الله A يقول إن الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم أنشدني من لفظه لنفسه الشيخ الإمام الحافظ فتح الدين محمد بن محمد بن محمد بن سيد الناس C تعالى : .
محمد خير بني هاشم ... فمن تميم وبنو دارم .
وهاشم خير قريش وما ... مثل قريش في بني آدم .
فضله روى الترمذي عن ابن عباس قال جلس ناس من أصحاب رسول الله A يتذاكرون فسمع حديثهم فقال بعضم عجباً أن الله تبارك وتعالى أتخذ من خلقه خليلاً أتخذ إبراهيم خليلاً وقال آخر ما ذا باعجب من كلام موسى كلمه تكليماً وقال آخر ما ذا با عجب من آدم اصطفاه الله عليهم زاد رزين وخلقه بيده ونفخ فيه من روحه واسجد له ملائكته ثم اتفقا فسلم رسول الله A على أصحابه وقال قد سمعت كلامكم وعجكم إن إبراهيم خليل الله وهو كذلك وأن موسى نجى الله وهو كذلك وأن عيسى روح الله وكلمته وهو كذلك وأن آدم اصطفاه الله وهو كذلك إلا وأبا حبيب الله ولا فخر وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر وأنا أكرم الأولين والآخرين على الله ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتح الله لي فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر