بك استجار الحنبلي ... محمد بن جنكلي .
فاغفر له ذنوبه ... فأنت ذو التفضل .
وفي آخر الأمر مال إلى الظاهر ورأى رأى ابن حزم لأنه كان كثير المطالعة لكلامه وكان فيه إيثار وبر لأهل العلم ولا يزال يجالس الفضلاء والفقراء ويخير محادثتهم على مجالسة الأمراء والأتراك كثير الميل إلى من يهواه لا يزال متيما هايما يذوب صبابة ووجداً يستحضر في هذه الحالة لما ناسبها من شعر الشريف الرضى ومهيار ومتيمي العرب جملة يترنم بها ويراسل بها ويعاتب خرج له شهاب الدين أحمد بن أبيك الدمياطي أربعين حديثا وحدث بها قبل موته وقد شاركته في بعض سماعاته وسمع بقراءتي بعض تصانيف الشيخ فتح الدين ولما بلغتني وفاته قلت ارثيه C وضمنت القصيدة أعجاز أبيات قصيدة أبي الطيب المتنبي وهي : .
هي الأيام ليس لها ذمام ... وليس لها على عهد دوام .
نصبنا للردى غرضا فاصمت ... حشانا من رزاياه السهام .
وما بعد الرضاع وذاك حق ... تبين عندنا إلا الفطام .
نسير على مطايا للمنايا ... وفي كف الزمان لها زمام .
إذا متنا تنبهنا لهول ... ترى أن الحياة هي المنام .
ألم تر كيف عاث الدهر فينا ... واودى ناصر الدين الهمام .
فشق الرعد جيب السحب لما ... تلهب برقها وبكى الغمام .
فيا أسفا لوجه كان يبدو ... فيستحي له القمر التمام .
ويا لشمايل كم هام فيها ... فؤاد ما يسليه المدام .
ويا لخلايق كالروض لما ... تفتح عن ازاهره الكمام .
ويا لفضايل قلنا لديها ... افدنا أيها الحبر الأمام .
ويا لكتابة كالدر لما ... يؤلفها على النحر انتظام .
وكان يرام في بذل العطايا ... وأما في الجدال فما يرام .
ولم نر في الزمان له شبيهاً ... وأن كثر التجمل والكلام .
أيا من في الرقاب له أياد ... هي الأطواق والناس الحمام .
لئن عمت مصيبتك البرايا ... وصار بها على الدنيا ظلام .
فكم حسنت بك الأوقات حتى ... كأنك في فم الدنيا ابتسام .
ستندبك المواكب كل يوم ... ويبكيك المثقف والحسام .
لأنك ما شهدت الحرب إلا ... تعالى الجيش وانحط القتام .
فلو تفدى بذلنا كل نفس ... لأن حلال بقايانا حرام .
ولو رد الرحى حرب لشبت ... وكان وقودها جثث وهام .
وكف الخطب عنك كفاة أهل ... هم في الروع أمجاد كرام .
أب وأخ هما ليثا عرين ... إذا ما كان للحرب اصطلام .
يعز عليهما أن بت فردا ... وجالت في محاسنك الهوام .
وما تركاك رهن الترب عمداً ... ولكن معدن الذهب الرغام .
فنم فلو افترقت لفعل بر ... لاعطوك الذي صلوا وصاموا .
وما تحتاج عند الله قربى ... مواهبه لنا ابداً جسام .
فللرحمن لطف واعتناء ... بمن بالعلم كان له اعتصام .
فكم اذريت خوف الله دمعاً ... غمايمه إذا انهلت سجام .
قضيتك بالرثا حقاً أكيداً ... لأن بصحبة يجب الذمام .
ساجعل طيب ذكرك لي سميراً ... ومن يعشق يلذ له الغرام .
وأرجو الله أن يوليك رحمى ... ومن إحدى عطاياه الدوام .
فلا تبعد فنحن عليك وفد ... وغايتنا لهذا والسلام .
وأنشدني من لفظه لنفسه لما اخرج السلطان خليل ابن بلغدار إلى الشام بسببه وكان له إليه ميل عظيم : .
ومن حيثما غيبت عنى ظاهراً ... وسرت عل رغمى وفار قتنى قسرا .
أقمت ولكني وعيشك آيس ... من الروح بعد الخل أن تسكن الصدرا .
فكم عبرة للعين أجريتها دماً ... وكم حرق في الصدر أذكيتها جمرا .
لعل الذي أضحى له الأمر كله ... على طول ما القاه يحدث لي أمرا