عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أمير المؤمنين أبو العباس السفاح أول خلفاء بني العباس . ولد بالحميمة . وكان شاباً طويلاً أبيض مليح الوجه واللحية أمه ريطة الحارثية . حدث عن إبراهيم بن محمد الإمام وهو أخوه . مولده سنة ثمانٍ ومائة وتوفي سنة ستٍ وثلاثين ومائة بالجدري وعاش ثلاثاً وثلاثين سنة . وقال خليفة : مات ابن ثمانٍ وعشرين سنة . وبويع بالكوفة في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين ومائة ؛ وهو ابن أربع وعشرين سنة وقيل ابن ثمانٍ وعشرين سنة ! .
وكانت ولايته أربع سنين وثمانية أشهر . ولما صعد المنبر خطب قائماً فقال الناس : يا ابن عم رسول الله أحييت السنة وكانت بنو أمية يخطبون قعوداً وقتل أبا سلمة الخلال وكان القائم بالدعوة وأضمر خلع بني العباس وتصيير الأمر إلى آل علي بن أبي طالب . وعهد إلى أخيه عبد الله المنصور وصرف البيعة عن عمه عبد الله ابن علي وقال وهو مريضٌ وقد دخل عليه الطبيب : من مجزوء الكامل .
أنظر إلى ضعف الحرا ... ك وذله بين السكون .
ينبيك أن بيانه ... هذا مقدمة المنون .
ولقب القائم والمرتضى والمهتدي والمبيح وغير ذلك وأشهر ألقابه السفاح ولم يحج في خلافته . وصل عبد الله بن الحسن بن الحسن بألفي ألف درهم وهو أول خليفةٍ وصل بهذه الجملة . كاتبه أبو الجهم بن عطية وأبو العباس خالد بن برمك بعدما كان وزيرهم أبو سلمة الخلال . حاجبه أبو حسان مولاه ويقال أبو غسان صالح بن الهيثم وقيل محمد بن صول وكان قد وقع في سبي يزيد ابن المهلب وكان مولاه فأنكر ذلك وادعى أنه مولى المنصور . ونقش خاتمه : الله ثقة عبد الله وبه يؤمن ! .
ولما تولى الخلافة وأصعده أبو مسلم الخراساني على المنبر أرتج عليه فقال : من الطويل .
فإن لم أكن فيكم خطيباً فإنني ... بسيفي إذا جدَّ الوغى لخطيب .
وأخذ سيفه في يده ونزل فعجب الناس من بلاغته وإصابته المعنى . وهو أول من نزل العراق من خلفاء بني العباس . بني له المدينة الهاشمية إلى جانب الأنبار وفيها قبره إلى الآن وهي المعروفة الآن بالأنبار لأن الأولى درست . وكان من أكرم الناس في المعاشرة وأسمحهم بالمال . ومن شعره قوله في بني أمية : من البسيط .
أحيا الضغائن آباءٌ لنا سلفوا ... ولن تموت وللآباء أبناءُ .
وقوله أيضاً : من الطويل .
تناولت ثأري من أمية عنوةً ... وحزت تراثي اليوم عن سلفي قسرا .
وألقيت ذلاًّ من مفارق هاشمٍ ... وألبستها عزاً وأعليتها قدرا .
ومن كلامه : إذا عظمت القدرة قلت الشهوة . وما أقبح الدنيا بنا إذا كانت لنا وأولياءُنا خالون من حسن آثارها . الأناة محمودةٌ إلا عند إمكان الفرصة . ولما وقع في النزع كان آخر كلامه : إليك يا رب لا إلى النار .
أمير المؤمنين المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب العباسي