حبذا رجعها يديها إليها ... * في يدى درعها تحل الأزارا ... .
فقال لم تصب هات يا مسلمة فأنشده قول امرئ القيس ... وما ذرفت عيناك إلا لتضربي * بسهميك في أعشار قلب مقتل ... .
فقال كذب امرؤ القيس ولم يصب إذا ذرفت عيناها بالوجد فما بقى إلا اللقاء وإنما ينبغي للعاشق أن يغتضى منها الجفاء ويكسوها المودة ثم قال أنا مؤجلكم في هذا البيت ثلاثة ايام فمن أتاني به فله حكمة أي مهما طلب أعطيته فنهضوا من عنده فبينما سليمان في موكب إذا هو بأعرابي يسوق إبله وهو يقول ... لو ضربوا بالسيف رأسي في مودتها ... * لمال يهوي سريعا نحوها رأسي ... .
فأمر سليمان بالأعرابي فاعتقل ثم جاء إلى أبيه فقال قد جئتك بما سألت فقال هات فأنشده البيت فقال أحسنت وأنى لك هذا فأخبره خبر الأعرابي فقال سل حاجتك ولا تنس صاحبك فقال يا أمير المؤمنين إنك عهدت بالأمر من بعدك للوليد وإني أحب أن أكون ولي العهد من بعده فأجابه إلى ذلك وبعثه على الحج في إحدى وثمانين وأطلق له مائة ألف درهم فأعطاها سليمان لذلك الأعرابي الذي قال ذلك البيت من الشعر فلما مات أبوه سنة ست وثمانين وصارت الخلافة إلى أخيه الوليد كان بين يديه كالوزير والمشير وكان هو المستحث على عمارة جامع دمشق فلما توفى أخوه الوليد يوم السبت للنصف من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين كان سليمان بالرملة فلما أقبل تلقاه الأمراء ووجوه الناس وقيل إنهم ساروا إليه إلى بيت المقدس فبايعوه هناك وعزم على الإقامة بالقدس وأتته الوفود إلى بيت المقدس فلم يروا وفادة هناك وكان يجلس في قبة في صحن المسجد مما يلي الصخرة من جهة الشمال وتجلس أكابر الناس على الكراسي وتقسم فيهم الأموال ثم عزم على المجيء إلى دمشق فدخلها وكمل عمارة الجامع .
وفي أيامه جددت المقصورة واتخذ ابن عمه عمر بن عبد العزيز مستشارا ووزيرا وقال له إنا قد ولينا ما ترى وليس لنا علم بتدبيره فما رأيت من مصلحة العامة فمر به فليكتب وكان من ذلك عزل نواب الحجاج وإخراج أهل السجون منها وإطلاق الأسرا وبذل الأعطية بالعراق ورد الصلاة إلى ميقاتها الأول بعد أن كانوا يؤخرونها إلى آخر وقتها مع أمور حسنة كان يسمعها من عمر بن عبد العزيز وأمر بغزو القسطنطينية فبعث إليها من أهل الشام والجزيرة والموصل في البر نحوا من مائة ألف وعشرين ألف مقاتل وبعث من أهل مصر وإفريقية ألف مركب في البحر عليهم عمر بن هبيرة وعلى جماعة الناس كلهم أخوه مسلمة ومعه ابنه داود بن سليمان بن عبد الملك