@ 46 @ .
وقد قال الشاعر : وقد قال الشاعر : % ( لا تمدحن ابن عباد وإن هطلت % يداه كالمزن حتى تخجل الديما ) % % ( فإنها خطرات من وساوسه % يعطي ويمنع لا بخلاً ولا كرما ) % .
وقد بين تعالى في مواضع أخرى ، أن الإنفاق المحمود لا يكون كذلك إلا إذا كان مصرفه الذي صرف فيه مما يرضي الله كقوله تعالى : { قُلْ مَآ أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالاٌّ قْرَبِينَ } ، وصرح في أن الإنفاق فيما لا يرضي الله حسرة على صاحبه في قوله : { فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً } . .
وقد قال الشاعر : وقد قال الشاعر : % ( إن الصنيعة لا تعد صنيعة % حتى يصاب بها طريق المصنع ) % .
فإن قيل : هذا الذي قررتم يقتضي أن الإنفاق المحمود هو إنفاق ما زاد عن الحاجة الضرورية ، مع أن الله تعالى أثنى على قوم بالإنفاق وهم في حاجة إلى ما أنفقوا ، وذلك في قوله : { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } . .
فالظاهر في الجواب والله تعالى أعلم : هو ما ذكره بعض العلماء من أن لكل مقام مقالاً ، ففي بعض الأحوال يكون الإيثار ممنوعاً ، وذلك كما إذا كانت على المنفق واجبة كنفقة الزوجات ونحوها ، فتبرع بالإنفاق في غير واجب ، وترك الفرض لقوله صلى الله عليه وسلم ( وابدأ بمن تعول ) ، وكأن يكون لا صبر عنده عن سؤال الناس فينفق ماله ، ويرجع إلى الناس يسألهم مالهم ، فلا يجوز له ذلك ؟ والإيثار فيما إذا كان لم يضيع نفقة واجبة ، وكان واثقاً من نفسه بالصبر والتعفف وعدم السؤال . .
وأما على القول بأن قوله تعالى : { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } يعني به الزكاة ، فالأمر واضح ، والعلم عند الله تعالى . انتهى منه . .
والواقع أن للإنفاق في القرآن مراتب ثلاثة : .
الأولى : الإنفاق من بعض المال بصفة عامة ، كما في قوله تعالى : { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } .