@ 139 @ ا وهو ملك له جل وعلا . .
وما ذكره في هذه الآية الكريمة : من الثناء الحسن على ملائكته عليهم صلوات الله وسلامه بينه في غير هذا الموضع . كقوله تعالى . { عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } ، وقوله تعالى : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } ، وقوله تعالى : { وَلَهُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } إلى غير ذلك من الآيات . .
مسألة .
أخذ بعض العلماء من هذه الآية الكريمة وأمثالها في القرآن : أن الأب إذا ملك ابنة عتق عليه بالملك . ووجه ذلك واضح . لأن الكفار زعموا أن الملائكة بنات الله . فنفى الله تلك الدعوى بأنهم عباده وملكه . فدل ذلك على منافاة الملك الولدية ، وأنهما لا يصح اجتماعهما . والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّى إِلَاهٌ مِّن دُونِهِ فَذالِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِى الظَّالِمِينَ } . الضمير في قوله { مِنْهُمْ } عائد إلى الملائكة المذكورين في قوله : { بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } والمعنى : أنهم مع كرامتهم على الله لو ادعى أحد منهم أن له الحق في صرف شيء من حقوق الله الخاصة به إليه فكان مشركاً ، وكان جزاؤه جهنم . ومعلوم أن التعليق يصح فيما لا يمكن ولا يقع فقوله : { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ } ، وقوله : { لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا } والمراد بذلك تعظيم أمر الشرك . وهذا الفرض والتقدير الذي ذكره جل وعلا هنا في شأن الملائكة ، ذكره أيضاً في شأن الرسل على الجميع صلوات الله وسلامه قال تعالى : { وَلَقَدْ أُوْحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ولما ذكر جل وعلا من ذكر من الأنبياء في سورة ( الأنعام ) في قوله : { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ } إلى آخر من ذكر منهم قال بعد ذلك { ذالِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .