@ 138 @ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَا بَصِيرًا } ، وقوله : { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِىَ ظَالِمَةٌ فَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا } ، وقوله : { وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً } إلى غير ذلك من الآيات . .
وقوله في هذه الآية الكريمة : { وَكَمْ قَصَمْنَا } أصل القصم : أفظع الكسر لأنه الكسر الذي يبين تلاؤم الأجزاء ، بخلاف الفصم بالفاء فهو كسر لا يبين تلاؤم الأجزاء بالكلية . والمراد بالقصم في الآية : الإهلاك الشديد . قوله تعالى : { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَآءَ وَالاٌّ رْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ } . قد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة ( الحجر ) فأغنى ذلك عن إعادته هنا ، وكذلك قوله : { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ } الآية . قد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في سورة ( بني إسرائيل ) ، وكذلك الآيات التي بعد هذا قدْ قدمنا في مواضع متعددة ما يبينها من كتاب الله . قوله تعالى : { وَقَالُواْ اتَّخَذَ الرَّحْمَانُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الكفار لعنهم الله قالوا عليه أنه اتخذ ولداً . وقد بينا ذلك فيما مضى بياناً شافياً في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك . سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً . وبين هنا بُطلان ما ادعوه على ربهم من اتخاذ الأولاد وهم في زعمهم الملائكة بحرف الإضراب الإبطالي الذي هو ( بل ) مبيناً : أنهم عباده المكرمون ، والعبد لا يمكن أن يكون ولداً لسيِّده . ثم أثنى على ملائكته بأنهم عباد مكرمون ، لا يسبقون ربهم بالقول أي لا يقولون إلا ما أمرهم أن يقولوه لشدة طاعتهم له { وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } . وما أشار إليه في هذه الآية الكريمة من أن الملائكة عبيده وملكه ، والعبد لا يمكن أن يكون ولداً لسيده أشار له في غير هذا الموضع . كقوله في ( البقرة ) : { وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } ، وقوله في ( النساء ) : { إِنَّمَا اللَّهُ إِلَاهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ وما فِى السَّمَاوَات وَمَا فِى الاٌّ رْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً } أي والمالك بكل شيء لا يمكن أن يكون له ولد . لأن الملك ينافي الولدية ، ولا يمكن أن يوجد شيء سواه إل