@ 131 @َلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِى الصُّحُفِ الاٍّ ولَى } كما أوضحنا . والعلم عند الله تعالى . ويزيد ذلك إيضاحاً الحديث المتفق عليه : ( ما من نبي مِنَ الأنبياءِ إلا أُوتي ما آمَنَ البشر على مِثْلِه ، وإنما كان الذي أُوتيتُه وحياً أوحاه الله إلي ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابِعاً يومَ القيامةِ ) وفي الآية أقوال أخر غير ما ذكرنا . قوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ ءَايَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى } . قد قدمنا في سورة ( النساء ) أن آية ( طه ) هذه تشير إلى معناها آية ( القصص ) التي هي قوله تعالى : { وَلَوْلا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتِّبِعَ ءايَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } وأن تلك الحجة التي يحتجون بها لو لم يأتهم نذير هي المذكورة في قوله تعالى : { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } . فقوله تعالى : { قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُواْ } . أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة : أن يقول للكفار الذين يقترحون عليه الآيات عناداً وتعنُّتاً : كل منا ومنكم متربِّص ، أي منتظر ما يحل بالآخر من الدوائر كالموت والغلبة . وقد أوضح في غير هذا الموضع أن ما ينتظره النَّبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمسلمون كله خير ، بعكس ما ينتظره ويتربص الكفار . كقوله تعالى : { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } ، وقوله : { وَمِنَ الاٌّ عْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ } ، إلى غير ذلك من الآيات . والتربص : الانتظار . قوله تعالى : { فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الكفار سيعلمون في ثاني حال مَن أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى . أي وفق لطريق الصواب والديمومة على ذلك . وأمر نبيه أن يقول ذلك للكفار . والمعنى : سيتضِح لكم أنا مُهتدون ، وأنا على صراط مستقيم ، وأنكم على ضلال وباطل . وهذا يظهر لهم يوم القيامة إذا عاينوا الحقيقة ، ويظهر لهم في الدنيا لِما يرونه من نصر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم .