@ 130 @ . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن عذاب الآخرة أشد وأبقى . أي أشد ألماً وأدوم من عذاب الدنيا ، ومن المعيشة الضنك التي هي عذاب القبر . وقد أوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع . كقوله تعالى : { وَلَعَذَابُ الاٌّ خِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ } ، وقوله تعالى { وَلَعَذَابُ الاٌّ خِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } ، وقوله تعالى : { وَلَعَذَابُ الاٌّ خِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } ، إلى غير ذلك من الآيات . .
وقوله { أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ } . .
تقدم بعض الآيات الموضحة له في سورة ( مريم ) وسيأتي له بعد هذا إن شاء الله زيادة إيضاح . .
! 7 < { وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِأايَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِى الصُّحُفِ الاٍّ ولَى * وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ ءَايَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى * قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُواْ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى } > 7 ! قوله تعالى : { وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِأايَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِى الصُّحُفِ الاٍّ ولَى } . أظهر الأقوال عندي في معنى هذه الآية الكريمة : أن الكفار اقترحوا على عادتهم في التعنت آية على النبوة كالعصا واليد من آيات موسى ، وكناقة صالح ، واقتراحهم لذلك بحرف التحضيض الدال على شدة الحضّ في طلب ذلك في قوله : { لَوْلاَ يَأْتِينَا } أي هلا يأتينا محمد بآية : كناقة صالح ، وعصا موسى ، أي نطلب ذلك منه بحضّ وحثّ . فأجابهم الله بقوله : { أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِى الصُّحُفِ الاٍّ ولَى } وهي هذا القرآن العظيم ، لأنه آية هي أعظم الآيات وأدلها على الإعجاز . وإنما عبر عن هذا القرآن العظيم بأنه بينة ما في الصحف الأولى . لأن القرآن برهان قاطع على صحة جميع الكتب المنزلة من الله تعالى ، فهو بَيِّنة واضحة على صِدقها وصحتها : كما قال تعالى : { وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ } ، وقال تعالى : { إِنَّ هَاذَا الْقُرْءَانَ يَقُصُّ عَلَى بَنِى إِسْرَاءِيلَ أَكْثَرَ الَّذِى هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } ، وقال تعالى : { التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ } إلى غير ذلك من الآيات . .
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية على هذا التفسير الذي هو الأظهر أوضحه جل وعلا في سورة ( العنكبوت ) في قوله تعالى : { وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الاٌّ يَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِى ذالِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } . فقوله في ( العنكبوت ) : { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ } هو معنى قوله في ( طه ) : { أَو