@ 399 @ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَآ أُغْنِى عَنكُمْ مِّنَ اللَّهِ مِن شَىْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ } . فانظر كيف جمع بين التسبب في قوله : { لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ } وبين التوكل على الله في قوله : { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ } وهذا أمر معلوم لا يخفى إلا على من طمس الله بصيرته . والله جل وعلا قادر على أن يسقط لها الرطب من غير هز الجذع ، ولكنه أمرها بالتسبب في إسقاطه بهز الجذع . وقد قال بعضهم في ذلك : عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ } وهذا أمر معلوم لا يخفى إلا على من طمس الله بصيرته . والله جل وعلا قادر على أن يسقط لها الرطب من غير هز الجذع ، ولكنه أمرها بالتسبب في إسقاطه بهز الجذع . وقد قال بعضهم في ذلك : % ( ألم تر أن الله قال لمريم % وهزي إليك الجذع يساقط الرطب ) % % ( ولو شاء أن تجنيه من غير هزه % جنته ولكن كل شيء له سبب ) % .
وقد أخذ بعض العلماء من هذه الآية أن خير ما تطعمه النفساء الرطب ، قالوا : لو كان شيء أحسن للنفساء من الرطب لأطعمه الله مريم وقت نفاسها بعيسى ، قاله الربيع بن خيثم وغيره . والباء في قوله { وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ } مزيدة للتوكيد ، لأن فعل الهز يتعدى بنفسه ، وزيادة حرف الباء للتوكيد قبل مفعول الفعل المتعدي بنفسه كثيرة في القرآن وفي كلام العرب ، فمنه في القرآن قوله هنا { وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ } لأن المتبادر من اللغة أن الأصل : وهزي إليك جذع النخلة ، وقوله تعالى : { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } ، وقوله : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } . وقوله : { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ } ، وقوله : { تَنبُتُ بِالدُّهْنِ } على قراءة ابن كثير وأبي عمرو بضم التاء وكسر الباء مضارع أنبت الرباعي ، لأن الرباعي الذي هو أنبت ينبت بضم الياء المثناة وكسر الباء الموحدة يتعدى بنفسه دون الحرف ، فالباء مزيدة للتوكيد كما رأيت في الآيات المذكورة . ونظير ذلك من كلام العرب قول أمية بن أبي الصلت الثقفي : تَنبُتُ بِالدُّهْنِ } على قراءة ابن كثير وأبي عمرو بضم التاء وكسر الباء مضارع أنبت الرباعي ، لأن الرباعي الذي هو أنبت ينبت بضم الياء المثناة وكسر الباء الموحدة يتعدى بنفسه دون الحرف ، فالباء مزيدة للتوكيد كما رأيت في الآيات المذكورة . ونظير ذلك من كلام العرب قول أمية بن أبي الصلت الثقفي : % ( إذ يسقون بالدقيق وكانوا % قبل لا يأكلون خبزا فطيرا ) % .
لأن الأصل يسقون الدقيق فزيدت الباء للتوكيد . وقول الراعي : لأن الأصل يسقون الدقيق فزيدت الباء للتوكيد . وقول الراعي : % ( هن الحرائر لا ربات أخمرة % سود المعاجر لا يقرأن بالسور ) % .
فالأصل : لا يقرأن السور ، فزيدت الباء لما ذكر . وقول يعلى الأحول اليشكري أو غيره :