@ 342 @ التي عوض عنها تنوين ( يومئذ ) من قوله { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِى بَعْضٍ } أنه يوم إذ جاء وعد ربي بخروجهم وانتشارهم في الأرض . ولا ينبغي العدول عن هذا القول لموافقته لظاهر سياق القرآن العظيم . وإذا تقرر أن معنى ( يومئذ ) يوم إذ جاء الوعد بخروجهم وانتشارهم فاعلم أن الضمير في قوله { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ } على القول بأنه لجميع بني آدم فالمراد يوم القيامة . وإذاً فقد دلت الآية على اقترانه بالخروج إذا دك السد ، وقربه منه . وعلى القول بأن الضمير راجع إلى يأجوج ومأجوج . فقوله بعده { وَنُفِخَ فِى الصُّورِ } يدل في الجملة على أنه قريب منه . قال الزمخشري في تفسير هذه الآية ( قال هذا رحمة من ربي ) هو إشارة إلى السد . أي هذا السد نعمة من الله ورحمة على عباده . أو هذا الإقدار والتمكين من تسويته { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّى } يعني فإذا دنا مجيء يوم القيامة ، وشارف أن يأتي جعل السد دكا . أي مدكوكاً مبسوطاً مسوى بالأرض . وكل ما انبسط من بعد ارتفاع فقد اندك . ومنه الجمل الأدك المنبسط السنام ا ه . .
وآية الأنبياء المشار إليها هي قوله تعالى : { حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِىَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُواْ } . لأن قوله : { حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ } وإتباعه لذلك بقوله { وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِىَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُواْ } يدل في الجملة على ما ذكرنا في تفسير آية الكهف التي نحن بصددها . وذلك يدل على بطلان قول من قال : إنهم روسية ، وأن السد فتح منذ زمان طويل . فإذا قيل : إنما تدل الآيات المذكورة في ( الكهف ) و ( الأنبياء ) على مطلق اقتراب يوم القيامة من دك السد واقترابه من يوم القيامة لا ينافي كونه قد وقع بالفعل . كما قال تعالى : { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } . وقال : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ } ، وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم : ( ويل للعرب ، من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها . . ) الحديث ، وقد قدمنا في سورة ( المائدة ) . فقد دل القرآن والسنة الصحيحة على أن اقتراب ما ذكر لا يستلزم اقترانه به ، بل يصح اقترابه مع مهلة ، وإذاً فلا ينافي دك السد الماضي الزعوم الاقتراب من يوم القيامة ، فلا يكون في الآيات المذكورة دليل على أنه لم يدك السد إلى الآن .