وأما عكسها فلم أرها مسطورة فيما وقفت عليه من كتب أصحابنا ويتوجه تخريجها عليها إلا أن يفرق بينهما بفرق مؤثر فيمتنع التخريج والله أعلم .
ومنها ما ذكره بعض الفقهاء أن النزاع في وجوب النكاح مبني على هذه القاعدة وهي أن النهي عن الشيء أمر بضده 4اف لأنا إذا قلنا بذلك فالمكلف منهى عن ترك الزنا فيكون مأمورا بضده وهو النكاح والأمر يقتضي الوجوب فيكون النكاح واجبا .
ونازعه الطوفي وقال هذا ترجيح ضعيف لأن التحقيق أن الشيء إذا كان له أضداد فالنهي عنه أمر بأحد أضداده والزنا لم ينحصر ضده في النكاح بل ليس ضدا له أصلا إنما ضد الزنا تركه لكن تركه قد يكون بالنكاح وقد يكون بالتسري وقد يكون بالاستعفاف مع العزوبة فلا يتعين بالنكاح للتلبس بل يلزم مقابل ذلك أن يكون المكلف المنهي عن الزنا مأمورا بالنكاح أو التسري على التخيير لأن ترك الزنا يحصل بكل منهما فيصير من باب الواجب المخير فإن قال بذلك صح له التخريج المذكور لكن التسري لم نعلم أحدا قال بوجوبه تعيينا ولا تخييرا والله أعلم .
قلت هذا الذي قال الطوفي متجه فيما إذا كان المكلف لا شهوة له أوله شهوة ويأمن على نفسه مواقعة الزنا أما إذا كان له شهوة وخاف على نفسه الوقوع في الزنا فإن الوطء المباح يتعين دون بقية الأضداد إذ ليس غيره يقوم مقامه في كسر الشهوة .
وأما قوله إنا لا نعلم أحدا قال بوجوب التسري تعيينا ولا تخييرا فلم يطلع على ما قاله الأصحاب في ذلك وقد ذكر غير واحد إذا قلنا بوجوب النكاح ففي الاكتفاء بالتسري وجهان لنا والذي يظهر الاكتفاء به والله اعلم .
ومنها ما ذكره الطوفي وهو أن إرسال الطلقات الثلاث عندنا بدعة في رواية لتضمنه قطع مصلحة مأمور بإقامتها والاستمرار عليها وهي