نقول قد عرفت أن قوله بسورة منه ليس من فصول الرسم ولا من تمامه بل جيء به لإيضاح المعجوز عنه نعم قد قدمنا لك أنه أورد على رسم القرآن أسئلة وأجوبة ولم تكد تصفو عن كدر وأقول إنه لو قيل بتعذر رسم القرآن لشهرته كما قالوه في العلم على ما سلف من أنه لا يحد لجلائه ووضوحه لكان حسنا فإنه لا أوضح من القرآن ولا أشهر منه عند كل إنسان ممن يعرف الشرعيات إذ هو المراد في هذه العلوم فلا يلتبس القرآن عنده بغيره حتى يرسم له فإنه لا يزيده رسمه عنده إلا خفاء ولما زاد بعضهم تواترا في رسم القرآن كما عرفته من كلام السعد وهو الذي في الفصول وقد اعترضه في النظام فلهذا لم يدخله الناظم فيه بل ذكره شرطا للقرآنية كما في أصله فقال ... وشرطه في نقله التواتر ... فما أتى بغيره لا ينظر ... .
أي أنه يشترط في كونه قرآنا تواترا نقله وهو نقل جماعة عن جماعة تحيل العادة تواطؤهم على الكذب مع استواء الوسط والطرفين وأن يكون مستندا إلى أحد الحواس كما يأتي فما أتى نقله آحاديا فإنه لا تثبت له قرآنية فلذا قال فما أتى بغيره أي بغير التواتر لا ينظر أي لا ينظر إلى أنه قرآن وإن كان ينظر إليه من جهة آخرى في الاستدلال كما يأتي قلت هكذا أطبق العلماء عليه وعندي فيه توقف لأنا نعلم قطعا أنه كان يأتي جبريل إلى الرسول A فيلقي إليه الوحي بالقرآن فإذا سري عنه A طلب واحدا ممن كان يكتب الوحي فيأمره بكتب ما أنزل الله تعالى فهذا هو الطرف الأول ثم يتناقله الصحابة بينهم ويحفظونه ويعرفه جماعة فالطرف هذا آحادي قطعا عن خبر من هو معلوم صدقه بالمعجزة وقد يكون آحاديا من الطرف الثاني وهو أن لا يبلغ الصحابة الذين يبلغون الوحي من رسول الله A أن يكونوا جماعة يحيل العادة إلى آخره ومن