قلت جوابه أنه قد طلب تعالى من عباده المعاندين أن يأتوا بسورة من مثله وبعشر سور من مثله فيصح منا أن نعلل إنزاله بأنه إنزال لإعجازهم وإن لم يات التعليل لإنزاله بذلك فإنه صالح للعلية في نفس الأمر لوقوع العجز عنه ولا ينافي ذلك أنه تعالى علل إنزاله بقوله كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب فإنها تعددت العلل للإنزال ولا مانع من التعليل نصا أو استنباطا وقد علله تعالى بأنه أنزله تبيانا لكل شيء ومنه بيان عجزهم عن معارضته إذا عرفت هذا الرسم وأنه لمفهومه الكلي الصادق على المجموع وعلى أي بعض منه فقد قال السعد في التلويح ثم كل من الكتاب والقرآن يطلق عند الأصوليين على المجموع وعلى كل جزء منه لأنهم إنما يبحثون عنه من حيث إنه دليل على الحكم وذاك آية لا مجموع القرآن فاحتاجوا إلى تحصيل صفات مشتركة بين الكل والجزء مختصه بهما ككونه معجزا منزلا على الرسول مكتوبا في المصاحف منقولا بالتواتر فاعتبر بعضهم في تفسيره جميع الصفات لزيادة التوضيح وبعضهم التنزيل والإعجاز لأن الكتبة والنقل ليسا من لوازم القرآن لتحقق القرآن بدونهما في زمن النبي A وبعضهم اعتبر الإنزال والكتبة والنقل لأن المقصود تعريف القرآن لمن لم يشاهد الوحي ولم يدرك زمن النبي A وهم إنما يعرفونه بالنقل والكتبة في المصاحف لا ينفك عنهما في زمانهم فهما بالنسبة إليهم من أبين اللوازم وأوضحها دلالة علىالمقصود بخلاف الإعجاز فإنه ليس من اللوازم البينة ولا الشاملة لكل جزء منه إذ المعجزة هو السورة أو مقدارها أخذا من قوله فأتوا بسورة من مثله .
ورسموا السورة بأنها الطائفة من القرآن المترجمة التي أقلها ثلاث أيات كما في الكشاف ولا يقال إنه رسم دوري لتوقف معرفة القرآن على السورة ومعرفة السورة على القرآن لأخذ كل واحد منهما في رسم الآخر لأنا