وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

مبحث تعريف القصاص .
القصاص مأخوذ من قص الأثر وهو اتباعه ومنه القاص لأنه يتبع الآثار والأخبار وقص الشعر أثره فكأن القاتلس سلك طريقا من القتل فقص أثره فيها ومشى على سبيله في ذلك ومنه قوله تعالى : { فارتدا على آثارهما قصصا } .
وقيل : القص القطع يقال : قصصت ما بينهما ومنه أخذ القصاص لأنه يجرحه مثل جرحه أو بقتله به يقال : أقص الحاكم فلانا من فلان وأباده به فامتثل بهن أي اقتص منه .
حكم القصاص .
والقصاص ثابت في الشرع بالكتاب والسنة وفعل الرسول A وإجماع الأمة . أما الكتاب فقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ركم ورحمة فمن أعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون } آيتي 178 ، 179 من سورة البقرة .
وقوله تعالى : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعينن والأنف بالأنف والأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } آية 45 من سورة المائدة .
وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد فيه نسخ من الشارع الحكيم ولم يرد نسخ ذلك وقوله تعالى : { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلموما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل أنه كان منصورا } آية 33 من سورة الإسراء أي أتينا لوليه سلطنة القتل .
وقوله تعالى : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا } ووجه التمسك به أن الله تعالى ذكر في هذه الآية حكم القتل الخطأ فتعين أن يكون القصاص واجبا وثابتا فيما هو ضد الخطأ وهو العمد ولم تعين بالعمد لا يعدل عنه لئلا تلزم الزيادة على النص بالرأي ولأن الله تعالى قال : { كتب عليكم القصاص في القتلى } ومعناه فرض وأثبت كما قال تعالى : { كتب عليكم الصيام } وقال : { وكتب عليكم القتال } وقال تعالى : { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } ومعناه الفرض الثابت .
وقيل : إن ما ( كتب ) في الآيات هنا إخبار عماكتب في اللوح المحفوظ وسبق به القضاء أزلا وصورته أن القاتل فرض عليه إذا أراد الولي القتل الاستسلام لأمر الله تعالى والانقياد لقصاصه المشروعن وأن الولي فرض عليه الوقوف عند قاتل وليهن وترك المعتدي على غيره كما كانت العرب تتعدى فتقتل غير القاتل . وهو معنى قول رسول الله A ( إن من أعتى الناس على الله يوم القيامة ثلاثة رجل قتل غير قاتله ورجل قتل في الحرم ورجل أخذ بذحول الجاهلية ) والذحول هو العداوة والحقد .
قال الشعبي وقتادة وغيرهما إن اهل الجاهلية كان فيهم بغين وطاعة للشيطان فكان الحي إذا كان فيه عز ومنعه فقتل لهم عبد قتله عبد قوم آخرين قالوا : لا نقتل به إلا شريفان ويقولون : القتل أوقى للقتل ) بالواو والقاف ويروى ( أبقى ) بالباء والقاف ويروى ( أنفى ) بالنون والقاء فنهاهم الله عن البغي فقال : { كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد } الآية { ولكم في القصاص حياة } .
وروى البخاري والنسائي والدارقطني عن ابن عباس B ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : ( كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيه الدية ) فقال الله لهذه الأمة { كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء } فالعفو أن يقبل الدية في العمد { فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } يبتع بالمعروف ويؤدي بإحسان { ذلك تخفيف من ركم ورحمة } مما كتب على من كان قبلكم { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } أي قتل بعد قبول الدية هذا لفظ الإمام البخاري : في سبب نزول الآية .
وظاهر الآية الكريمة يوجب القود بالقصاص أينما يوجد القتل ولا يفصل بين العمد والخطأ إلا أنه تقيد بوصف العمدية بالحديث النبوي المشهور الذي تلقته الأمة بالقبلو وهو قوله عليه الصلاة ولاسلام ( العمد قود ) أي موجبة قود . لأن الحديث لو لم يكن يوجب تقييد الآية لم يكن القود موجب العمد فقط فلا يكون لذكر لفظ العمد فقط فلا يكون لذكر لفظ العمد فائدة .
قالوا : ولن الجناية بالعمدية تتكامل وحكمة الزجر عليها تتوفر والعقوبة المتناهية لا شرع لها دون ذلك .
وأما السنة فقوله صلوات الله وسلامه عليه : ( من قتل قتلناه ) وقوله لعيه الصلاة والسلام : ( كتاب الله القصاص ) وقوله E : ( لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة ) واتفق عليه .
وروي عن عائشة Bها عن رسول الله A قال : ( لا يحل قتل مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال زان فيرجم ورجل قتل مسلما متعمدا فيقتل وجل يخرج عن الإسلام فيحارب الله ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ) رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم والأحاديث في ذلك كثيرة .
وعليه إجماع الأمة من غير مخالف منه ويؤيده العقل السليم لأن المال لا يصلح موجبا في القتل العمد لعدم المماثلة لأن الآدمي مالك مبتذل والمال مملوك مبتذل فأنا يتماثلان بخلاف القصاص فإنه يصلح موجبا للتماثلن وفيه زيادة حكمة وهي مصلحة الحياء زجرا للغير إن وقوعه فيه وجبرأ للورثة فيتعين وإنما جب المال في الخطأ أولا ضرورة صون الدم عن الهدار فإنه لما لم يكن الاقتصاص فيه هدر الدم لو لم يجب المان والآدمي مكرم لا يجب إهدار دمه على أن ذلك ثابت بنص القرآن الكريم .
والقصاص شرع لمعنى النظر للولي على وجه خاص وهو الانتقام وتشفي الصدر فإنه شرع زجرا عما كان عليه أهل الجاهلية من إفناء قبيلة بواحد لا لأنهم كانوا يأخذون أموالا كثيرة عند قتل واحدا منهم بل القاتل وأهله لو بذلوا ما ملكوه وأمثاله ما رضي به أولياء المقتول فكان إيجاب المال في مقابلة القتل العمد تضييع حمة القصاص وإذا ثبت أن الصل هو القصاص لم يجز المصير إلى غيره بغير ضرورة مثل أن يفقد احد الاولياء . فإنه تعذر الاستيفاء حينئذ أو أن يكون محل القصاص . ناقصا بأن تكون يد قاطع اليد أقل اصبعا وأمثال ذلك .
من يقيم القصاص .
لا خلاف بين الأئمة في أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر الذين فرض عليهم النهوض بالقصاصن وإقامة الحدود . وغير ذلك لأن الله سبحانه وتعالى خاطب الجميع المؤمنين بالقصاص قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب علكم القصاص في القتلى } ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعا أن يجتمعوا على القصاص فأقاموا مالسلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود وليس القصاص بلازم إنما اللازم إلا يتجاوز القصاص وغيره من الحدودالى الاعتداءن فأما إذا وقع الرضا بدون القصاص من دية أو عفو فذلك مباح فلا يجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه دون السلطان الذي أعطاه الله هيذه السلطة وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض وإنما يكون ذلك للسلطان أو من نصبه السلطان لذلك ولهذا جعل الله السلطان ليقبض أيدي الناس بعضهم عن بعض .
السلطان يقتص من نفسه .
واجمعم العلماء على أن على السطان أن يقتص من نفسه أن تعدى على احد من رعيته ظلما غذ هو واحد منهم وإنما له مزية النظر لهم كالوصي والوكيل وذلك لا يمنع القصاص منه وليس بين السلطان وبين العامة فرق في أحكام الله D لقوله جل ذكره : { كتب عليكم القصاص في القتلى } وثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أنه قال لرجل شكا إليه أن عاملا " أي حاكما " قطع يده بغير حق : لئن كنت صادقا لأقيدنك منه .
وروى النسائي عن أبي سعيد الخدري قال : بينا رسول الله A شيئا إذ أكب عليه رجل فطعنه رسول الله بعرجون كان معه فصاح الرجل فقال له رسول الله A : ( تعال فاستقد ) قال : بل عفوت يا رسول الله وروى أبو داود الطيالسي عن أبي فراس قال : خطب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال : إلا من ظلمه أميره فليرفع ذلك إلي أقيده منه فقام عمرو بن العاص فقال : يأمير المؤمنين لئن أدب الرجل منا رجلا من أهل رعيته لتقصنه منه ؟ قال : كيف لا أقصه منه وقد رأيت رسول الله A يقص من نفسه ) ؟ .
ولفظ أبي داود السجستاني عنه قال : خطبنا عمر بن الخطاب فقال : إني لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم فمن فعل ذلك به فليرفعه إلي أقصه منه ) وذكر الحديث بمعناه )