وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

مبحث التوبة النصوح .
لقد عبر الله تعالى في الأية الكريمة في جانب { الذين يرمون المحصنات } بصيغة المذكر ( الذين ) وعبر في جانب المرمي بصيغة المؤنث ( المحصنات ) ولا فرق بين الذكور والإناث عند جميع الفقهاء في الرامي والمرمي فمن رمى غيره بالزنا واستوفى شروط الحد وجب على الحاكم حده سواء أكان كل من الرامي والمرمي رجلا أم امرأة وإنما اختير هذا التعبير أما في الأول فمن باب تغليب الذكور على الإناث فإنهما متى اجامعا في حكم شرعي عبر بصيغة كالذكور تغليبا لهم عليهن قال تعالى : { وكانت من القانتين } وأيضا في الغالب أو المفروض إن الرمي في هذه الفاحشة بعيد لأن ألسنة النساء اللاتي ينبغي أن يحوطهن الحياء والأدب فلا يكاد يقع منهن هذا البذاء . وأن الغالب في الرمي يكون من جانب الذكور .
وأما الثاني وهو اختيار صيغة المؤنث في جانب المرمي ( المقذوف ) فلأن أكثر ما توجه هذه التهمة الشنعية للنساء فهي لهن آلم وأوجع ولا يرمي بها الرامي إلا للنيل من المرمي بآلم ما يستطيع وهذا لا ينافي مساواة الرجال لهن في لحوق العار وإصابة الشرف وتنكيس العزة وضياع الكرامة وعلى ذلك يكون قيد التأنيث في الآية المستفاد من صيغة الجمع بالألف والتاء لا مفهوم له بل مثلهن في ذلك الذكور وليس هذا من باب قياس الرجال على النساء بل من باب إلغاء الفارق بين الفريقين . على أن الآية وردت في واقعة هي أن هلال بن أمية قد رمى زوجته بالزنا بشريك بن سحماء فجاء التقييد على وفق سبب النزول فإنها نزلت قي قصة هلال بن أمية حثنما شكا للرسول A زوجته فقال الرسول A : ( البينة أو حد في ظهرك ) .
وقد رتب الشارع على قذف المحصن أو المحصنة ثلاثة أشياء الجلد ثمانين جلدة ورد الشهادة والحكم عليه بالفسق .
وقد أردف جل شأنه ذلك الجزاء باستثناء التائبين فقال تعالى : { إلا الذين تابوا من بعد ذلك واصلحوا فإن الله غفور رحيم } .
والتوبة هي الرجوع إلى الله بعد الاعراض عنه تعالى والإقبال عليه بعد الإدبار وكفى بالمعصية إعراضا وإدبارا بل فرارا من حظيرة قدسه وساحة رحمته .
والتوبة الصادقة النصوح تنتظم في معان ثلاثة تؤدي إلى تطهير القلب بل والجوارح أيضا من أدران الذنوب وأوساخ الخطايا وهذه المعاني الثلاثة هي معرفة ما في الذنب من الإضرار بالنفس والابتعاد عن ساحة الرحمة ومنزلة الرضوان وإنه لا يقدم عليه إلا عدو نفسه الذي غلبت عليه شهوته فلا تحصل التوبة دون أن يتحقق هذا المعنى تحققا يقينا وعلما حضوريا يشبه علمك أن في هذا الطعام الذي اشتهيته سما مهلكا قاتلا يخبرك به الطبيب الثقة فماذا يكون حالك وقد تورطت فأكلت الطعام اشتهاء أليس يدركك من الندم والحسرة ما ترتبك معه وتخور له قواك ألست تشعر حينئذ بحالة اكتئاب وحسرة على ما فرط منك تغلب عليك لذتك ابتئاسا - وفرحتك حزنا فهذا هو المعنى الثاني وهو الندم على ما وقع منك وليس مجرد الندم والحسرة ويقف الشخص مبهوتا غير مفكر إذا كان من أهل الصيرة كلا بل لا يسمى نادما حقيقة ويصدق في دعواه أنه ندم حتى يترتب على ندمه أثره الصحيح وذلك فعل يتعلق بما مضى وبما هو حاصل وبما يستقبل من الزمان فيقلغ عن الاستمرار في تناول ذلك الطعام الشهي حالا ويعزم على أن لا يعود إليه في المستقبل وعمل على تخليص معدته مما سبق منه إليها في الماضي حتى يستريح باطنه من هذا السم القاتل هكذا شأن التوبة من الذنوب والخطايا ومقياس النندم أن يؤتي هذه الثمار الثلاث وهي : .
اولا الإقلاع فورا عن الاستمرار في الذنب الحالي ثانيا العزم على أن لا يعود في المستقبل أبدا ثالثا المبادرة إلى التخلص مما فرط منه في الماضي .
ومن ذلك أن ترد الحقوق إلى اصحابها وهذه هي التوبة الصحيحة المطهرة المقبولة حاما كما وعد الله جل شأنه ووعده لا يخلف وهذا معنى قولهم : التوبة تنتظم من علم وحال وعمل . والعمل يتعلق بالحال والاستقبال والماضي .
والإصلاح هو إزالة الخلل والفساد الطارىء على الشيء والمراد هنا في الآية إصلاح دات البين التي أفسدها بينه وبين من قذفه وذلك بأن يستسمحه مما فرط منه في حقه حتى يسامحه وذلك شأن التوبة والتخلص من حقوق العباد .
وقال بعض العلماء : غنه من مضى مدة عليه في حسن الحال تقبل شهادته وتعود ولايته ثم قدورا تلك المدة بسنة حتى تمر عليه الفصول الأربعة التي تتغير فيها الحوال والطباع كما يضرب للعنين أجل سنة . وأما قوله تعالى : { من بعد يذلك } فالتوبة لا تكون إلا بعد الذنب فإن سره التهويل في المر وتفظيع ما وقع فيه وتكبيره