وأما حديث القضاة ثلاثة فلا شك أن القاضي إذا قضى بالجهل عامدا أو جاهلا للحق فهو مستحق لهذا الوعيد الوارد في هذا الحديث ولكن ليس محل النزاع إلا في قاض يعلم بالحق ويقضي به وقد جعله A القاضي الذي في الجنة فهذا الحديث ينبغي أن يكون من أحاديث ترغيب المتأهلين للقضاء في الدخول فيه لا من ترهيبهم وهذا الحديث لفظه في سنن أبي داود وسنن ابن ماجة من حديث بريدة عن النبي A قال القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به عرف الحق وجار في الحكم فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار وأخرجه أيضا الترمذي والنسائي والحاكم وصححه .
وأما سائر الأحاديث الواردة في الترهيب عن الدخول في القضاء فهي على ما فيها من الضعف محمولة على ما قدمنا في الجمع بين حديث فقد ذبح نفسه بغير سكين وبين أحاديث الترغيب فتبين لك بهذا أن الدخول في القضاء إما واجب مضيق وهو على من لا يغني عنه غيره أو حرام بحت وهو على من لا يفي بما هو معتبر فيه ولم يستجمع فيه ما لا بد منه ومن عدا هذين فالدخول فيه قربة كما تدل عليه الأحاديث المتقدمة وقد يكون الدخول واجبا عليه إذا وثق من نفسه بالقيام بالحق وإجراء الأمور مجاريها والوقوف على الحدود التي حدها الله للقائمين بالأمر وإن كان يغني عنه غيره وأما من كان لا يثق بنفسه بما ذكرنا فهو لم يكمل في حقه المقتضي للدخول ولا وجه لما ذكره المصنف من قسم المكروه والمباح .
وأما ما ورد من النهي عن سؤال الإمارة كما في البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عبد الرحمن بن سمرة أن النبي A قال له يا عبد الرحمن لا