ومن أحاديث الترهيب ما أخرجه أحمد وأهل السنن والحاكم والبيهقي والدارقطني وحسنه الترمذي وصححه ابن خزيمة وابن حبان من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله A من جعل قاضيا بين النس فقد ذبح بغير سكين فهذا الحديث هو أشق ما ورد مطلقا عن التقييد من أحاديث الترهيب في الدخول في القضاء وقد أوله جماعة بما يدل على أنه من أحاديث الترغيب لا الترهيب وقد أجبت عنهم بما ذكرته في شرحي للمنتقى ولكن ها هنا جواب آخر عن هذا الحديث يوجب تأويله وهو أنا قد قدمنا حديث أنهم على منابر من نور عن يمين الرحمن وحديث أنه أحد الخصلتين اللتين لا حسد إلا فيهما وأنه متردد بين أجرين مع الإصابة وأجر مع الخطأ وما كان بهذه المنزلة وله هذه المزية فالدخول فيه من أعظم أسباب الفوز بالخير والأجر فيحمل حديث الذبح بغير سكين على أن الدخول في القضاء مصحوب بمانع يمنعه من النهوض به .
أما الضعف كما قال A لأبي ذر وأنه لا يقدر على أن يجتهد كما في الترديد بين الأجر والأجرين والجمع مهما أمكن فهو مقدم على الترجيح بالإجماع وقد أمكن هنا وعلى تقدير جواز المصير إلى الترجيح فالأحاديث الثابتة في الصحيحين من طريق جماعة من الصحابة أرجح مما لم يثبت فيهما كما هو معلوم في وجوه الترجيح المذكورة في الأصول وفي علم اصطلاح أهل الحديث