وأما استثناء الأربعة فقد جاءت السنة بجواز النظر من الخاطب إلى المخطوبة وأما الثلاثة الآخرون وهم الطبيب والشاهد والحاكم فقد ادعى الإجماع على ذلك ولا أدري كيف هذا النقل فإن صح فذاك مع أن نظر الثلاثة المذكورين إليها عند مندوحه وذلك بأن يأمر الشاهد أو الحاكم أو الطبيب النساء أن ينظرن إلى الموضع الذي تدعو الحاجة إلى النظر إليه ثم يصنف لهم فإن في ذلك ما يغني عن النظر المحرم مع كونه وقوفا على مقدار الحاجة وإن كان دون النظر منهم أنفسهم .
قوله ومن المحرم المغلظ والبطن والظهر .
أقول أما المغلظ فظاهر وهو عند المصنف من السرة إلى تحت الركبة وهذه هي عورة الجنس مع جنسه والأدلة الدالة على تحريم النظر إلى العورة من الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة وأما مع اختلاف الجنس فقد تقدم تحريم النظر مطلقا وأما استثناء البطن والظهر من المحرم وأنه لا يجوز نظر ذلك منها لمحرمها فليس لذلك وجه لا من رأي ولا من رواية ولم يعولوا إلا على دعوى الإجماع ولا أدري كيف هذه الدعوى فقد حصل التساهل البالغ في نقل الإجماعات وصار من لا بحث له عن مذاهب أهل العلم يظن أن ما اتفق عليه أهل مذهبه وأهل قطره هو إجماع وهذه مفسدة عظيمة فإن الجمهور قائلون بحجية الإجماع فيأتي هذا الناقل بمجرد الدعوى بما نعم به البلوى ذاهلا عن لزوم الخطر العظيم على عباد الله من النقل الذي لم يكن على طريق التثبت والورع وأما أهل المذاهب الأربعة فقد صاروا يعدون ما اتفق عليه بينهم مجمعا عليه ولا سيما المتأخر عصره منهم كالنووي ومن فعل كفعله وليس هذا هو الإجماع الذي تكلم العلماء في حجيته فإن خير القرون ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم كانوا قبل ظهور هذه المذاهب ثم كان في عصر كل واحد من الأئمة الأربعة من أكابر أهل