وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

- قوله " البيعان " بتشديد التحتانية يعني البائع والمشتري والبيع هو البائع أطلق على المشتري على سبيل التغليب أو لأن كل واحد من اللفظين يطلق على الآخر كما سلف : قوله " بالخيار " بكسر الخاء المعجمة اسم من الاختيار أو التخيير وهو طلب خير الأمرين من امضاء البيع أو فسخه والمراد بالخيار هنا خيار المجلس . قوله " مالم يفترقا " قد اختلف هل المعتبر التفرق بالأبدان أو بالأقوال فابن عمر حمله على التفرق بالأبدان كما في الرواية المذكورة عنه في الباب وكذلك حمله أبو برزة الأسلمي حكى ذلك عنه أبو داود : قال صاحب الفتح ولا يعلم لهما مخالف من الصحابة قال أيضا ونقل ثعلب عن الفضل بن سلمة أنه يقال افترقا بالكلام وتفرقا بالأبدان ورده ابن العربي بقوله " وماتفرق الذي أوتوا الكتاب " فإنه ظاهر في التفريق بالكلام لأنه بالاعتقاد وأجيب بأنه من لازمه في الغالب لان من خالف آخر في عقيدته كان مستدعيا لمفارقته اياه ببدنه ولا يخفى ضعف هذا الجواب والحق حمل كلام الفضل على الاستعمال بالحقيقة وإنما استعمل أحدهما في موضع الآخر اتساعا انتهى . ويؤيد حمل التفرق على تفرق الأبدان ما رواه البيهقي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ " حتى يتفرقا من كانهما " وروايات حديث الباب بعضها بلفظ التفرق وبعضها بلفظ الأفتراق كم عرفت فإذا كان حقيقة كل واحد منهما مخالفة لحقيقة الآخر مكا سلف فينبغي أن يحمل أحدهما على المجاز توسعا وقد دل الدليل على إرادة حقيقة التفرق بالابدان فيحمل ما دل على التفرق بالأقوال على معناه المجازي ومن الأدلة الدالة على إرادة التفرق بالأبدان قوله في حديث ابن عمر المذكور مالم يتفرقا وكانا جميعا . وكذلك قوله وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع فإن فيه البيان الواضح إن التفرق بالبدن . قال الخطابي وعلى هذا وجدنا أمر الناس في عرف اللغة وظاهر الكلام فإذا قيل تفرق الناس كان المفهوم منه التميز بالأبدان قال ولو كان المراد تفرق الأقوال كما يقول أهل الرأي لخلا الحديث عن الفائدة وسقط معناه وذلك ان العلم محيط بأن يشتري ما لم يوجد منه قبول المبيع فهو بالخيار وكذلك البائع خياره في ملكه ثابت قبل أن يعقد البيع وهذا من العلم العام الذي استقر بيانه قال وثبت ان المتبايعين هما المتعاقدان والبيع من الأسماء المشتقة من أفعال الفاعلين ولا يقع حقيقة الا بعد حصول الفعل منهم كقولهم زان وسارق وإذا كان كذلك فقدصح أن المتبايعين هما المتعاقدان وليس بعد العقد تفرق إلا التمييز بالأبدان انتهى .
فتقرر ان المراد بالتفرق المذكور في الباب تفرق الأبدان وبهذا تمسك من أثبت خيار المجلس وهم جماعة من الصحابة منهم علي صلوات الله عليه وأبو برزة الأسلمي وابن عمر وابن عباس وأبو هريرة وغيرهم من التابعين شريح والشعبي وطاوس وعطاء وابن أبي مليكة نقل ذلك عنهم البخاري . ونقل ابن المنذر القول به أيضا عن سعيد بن المسيب والزهري وابن أبي ذئب من أهل المدينة وعن الحسن البصري والأوزاعي وابن جريج وغيرهم وبالغ ابن حزم فقال لا تعرف لهم مخالف من التابعين إلا النخعي وحده ورواية مكذوبة عن شريح والصحيح عنه القول به ومن أهل البيت الباقر والصادق وزين العابدين وأحمد بن عيسى والناصر والإمام يحيى نقل ذلك عنهم صاحب البحر . وحكاه أيضا عن الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وذهبت المالكية الا ابن حبيب والحنفية كلهم وإبراهيم النخعي إلى انها إذا وجبت الصفقة فلا خيار وحكاه صاحب البحر عن الثوري والليث . والأمامية وزيد بن علي والقاسمية والعنبري . قال ابن حزم لهم سلفا الا إبراهيم وحده وهذا الخلاف إنما خهو بعد التفرق بالأقوال وأما قبله فالخيار ثابت اجماعا ما في البحر . ولأهل القول الآخر أجوبة عن الأحاديث القاضية بثبوت خيار المجلس فمنهم من رده لكونه معارضا لما هو أقوى منه نحو قوله تعالى { وأشهدوا إذا تبايعتم } قالوا ولو ثبت خيار المجلس لكانت الآية غير مفيدة لأن الاشهاد إن وقع قبل التفرق لم يطابق الأمر وإن وقع بعد التفرق لم يصادف محلا . وقوله تعالى { تجارة عن تراض } فإنا تدل على أنه بمجرد الرضا يتم البيع وقوله تعالى { أوفوا بالعقود } لأن الراجع عن موجب العقد قبل التفرق لم يف به ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم " المسلمون على شروطهم " والخيار بعد العقد يفسد الشرط . ومنه حديث التحالف عند اختلاف المتبايعين لاقتضائه الحاجة إلى اليمين وذلك يستلزم لزوم العقد ولو ثبت خيار المجلس لكان كافيا في رفع العقد لا يخفى إن هذه الأدلة على فرض شمولها لمحل النزاع أعم مطلقا فيبنى العام على الخاص والمصير إلى الترجيح مع امكان الجمع غير جائز كما تقرر في موضعه ومن أهل القول الثاني من أجاب عن أحاديث خيار المجلس بأنها منسوخة بهذه الأدلة .
قال في الفتح ولا حجة في شيء من ذلك لأن النسخ لا يثبت بالاحتمال والجمع بين الدليلين مهما أمكن لا يصار معه إلى الرجيح والجمع هنا ممكن بين الأدلة المذكورة بغير تعسف ولا تكلف انتهى . وأجاب بعضهم بأن إثبات خيار المجلس مخالف للقياس الجلي في الحاق ما قبل التفرق بما بعده وهو قياس فاسد الأعتبار لمصادمته النص . وأجاب بعضهم بأن التفرق بالأبدان محمول على الأستحباب تحسينا للمعاملة مع المسلم ويجاب عنه بأنه خلاف الظاهر فلا يصار إليه إلا الدليل وهذا يجاب عن قول من قال إنه محمول على الاحتياط للخروج من الخلاف وقيل أنه يحمل التفرق المذكور في الباب على التفرق في الأقوال كما في عقد النكاح والاجارة . قال في الفتح وتعقب بأنه قياس مع ظهور الفارق لأن البيع ينقل منه ملك رقبة المبيع ومنفعته بخلاف ماذكر . وقيل المراد بالمتبايعين المتساومان قال في الفتح ورد بأنه مجاز فالحمل على الحقيقة أو ما يقرب منها أولى . وقد احتج الطحاوي على ذلك بآيات وأحاديث استعمل فيها المجاز وتعقب بأنه لا يلزم من استعمال المجاز في موضع استعماله في كل موضع . قال البيضاوي ومن نفى خيار المجلس ارتكب مجازين لحمله التفرق على الأقوال وحمله للمتبايعين على المتساومين وأيضا فكلام الشارع يصان عن الحمل عليه لأنه يصير تقديره إن المتساومين إن شاآ عقده البيع وإن شاآ لم يعقداه وهو تحصيل حاصل لأن كل أحد يعرف ذلك . ولأهل القول الآخر أجوبة غير هذه فمنها ما سيأتي في آخر الباب ومنها غيره وقد بسطها صاحب الفتح وأجاب عن كل واحد منها وقد ذكرنا هنا ما كان تحتاج منها إلى الجواب وتركنا ما كان ساقطا فمن أحب الاستفاء ليرجع إلى المطولات وقد اختلف القائلون بأن المراد بالتفرق تفرق بالأبدان هل له حد ينتهي إليه أم لا والمشهور الراجح من مذاهب العلماء على ماذكره الحافظ أن ذلك موكولا إلى العرف فكل ما عد في العرف تفرقا حكم به وما لا فلا : قوله " فإن صدقا وبينا " أي صدق البائع في إخبار المشتري وبين العيب إن كان في السلعة وصدق المشتري في قدر الثمن وبين العيب إن كان في الثمن ويحتمل أن يكون الصدق والبيان بمعنى واحد وذكر أحدهما تأكيدا للأخر : قوله " محقت بركة يبعهما " يحتمل أن يكون على ظاهره وأن شؤم التدليس والكذب وقع في ذلك العقد فمحق بركته وإن كان مأجورا والكاذب مأزورا ويحتمل أن يكون ذلك مختصا بمن وقع منه التدليس بالعيب دون الأخر ورجحه ابن أبي حمزة : قوله " أو يقول أحدهما لصاحبه أختر " وربما قال أو يكون بيع الخيار قد اختلف العلماء في المراد بقوله ألا بيع الخيار فقال الجمهور هو استثناء من امتداد الخيار إلى التفرق والمراد أنهما إن اختارا مضاء البيع قبل التفرق فقد لزم البيع حنئذ وبطل اعتبار التفرق فالتقدير ألا البيع الذي جرى فيه التخاير وقيل استثناء من انقطاع الخيار بالتفرق والمراد بقوله أو يخير أحدهما الأخر أي فيشترط الخيار مدة معينة فلا ينقضي الخيار بالتفرق بل يبقى حتى تمضي المدة حكاه ابن عبد البر عن أبي ثور ورجح الأول بأنه أقل في الإضمار ولا يخفى أن قوله في هذا الحديث فإن خير احدهما الأخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع معين للاحتمال الأول وكذلك قوله في الرواية الأخرى فإن كان بيعهما عن خيار فقد وجب وفي رواية للنسائي إلا أن يكون البيع كان عن خيار فإن كان البيع عن خيار وجب البيع وقيل هو استثناء من إثبات خيار المجلس والمعني أو خير أحدهما الأخر فيختار عدم ثبوت خيار المجلس فينتفي الخيار قال الفتح وهذا أضعف هذه الاحتمالات وقيل المراد بذلك أنهما بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن يتخايرا ولو قبل التفرق وإلا أن يكون البيع بشرط الخيار ولو بعد التفرق قال في الفتح وهو قول يجمع التأويلين الأولين ويؤيده ما وقع في رواية للبخاري في لفظ " إلا اليبع الخيار او يقول لصاحبه اختر إن حملت أو علي التقسيم لا على الشك " قوله " أو يخير بإسكان الراء عطفا على قوله مالم يتفرقا ويحتمل نصب الراء على أن أو بمعنى الا أن كما قيل انها كذلك في قوله أو يقول أحدهما لصاحبه اختر : قوله " قال نافع وكان ابن عمر " وهو موصول بإسناد الحديث ورواه مسلم من طريق ابن جريج عن نافع وهو ظاهر في إن ابن عمر كان يذهب إلى أن التفرق المذكور بالأبدان كما تقدم