باب الدعاوى والبينات .
الدعاوى جمع دعوى من الدعاوى فهي الطلب قال تعالى : { ولهم ما يدعون } أي يتمنون ويطلبون ومنه حديث ما بال دعوى الجاهلية لأنهم كانوا يدعون بها عند الأمر الشديد بعضهم بعضا وهو قولهم يالفلان و الدعوى اصطلاحا إضافة الانسان إلى نفسه استحقاق شيء في يد غيره إن كان المدعي عينا أو في ذمته أي الغير إن كان دينا من قرض أو غصب ونحوه والمدعي من يطلب غيره بحق من عين أو دين يذكر استحقاقه عليه ويقال أيضا من إذا ترك ترك والمدعى عليه المطالب بفتح اللام أي من يطالبه غيره بحق يذكر استحقاقه عليه ويقال : من إذا ترك لم يترك والبينة واحدة البينات من بان الشيء فهو بين والأنثى بينة وعرفا العلامه الواضحة كالشاهد فأكثر وأصل هذا الباب حديث ابن عباس مرفوعا [ لويعطي الناس بدعواهم لا دعى أناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه ] رواه أحمد و مسلم ولا تصح الدعوى إلا من إنسان جائز التصرف أي حر مكلف رشيد وكذا إنكار فلا يصح إلا من جائز التصرف سوى إنكار سفيه فيما يؤخذ به لوأقر به اذن أي حال سفهه وبعد فك حجر عنه وهومالا يتعلق بالمال مقصوده كطلاق وحد قذف فيصح منه إنكاره ويحلف إذا أنكر حيث تجب اليمين وتقدم حكم الدعوى على نحو صغيرويأتي في الأقدار ما يعلم منه حكم .
الدعوى على القن وإذا تداعيا أي ادعى كل من اثنين عينا انها له لم تخل من أربعة أحوال أحدهما : أن لا تكون العين بيد أحد ولا ثم بفتح المثلثة ظاهر يعمل به ولا بينة لأحدهما وادعى كل منهما أنها كلها له تحالفا أي حلف كل منهما أنه لا حق له للآخر فيها وتناصفاها أي قسمت بينهما لاستوائهما وليس أحدهما بها أولى من الآخر لعدم المرجح من يد وغيرها وإن وجد أمر ظاهر أنها لأحدهما عمل به أي بهذا الظاهر فيحلف ويأخذها فلو تنازعا عرصه بها شجر لهما أو بها بناء لهما أي المتنازعين فهي أي العرصة لهما بحسب البناء والشجرلأن استيفاء المنفعة دليل الملك و البناء أو الشجر استيفاء لمنفعة العرصة واستيلاء عليها بالتصرف و إن كان الشجرأو البناء لأحدهما ف العرصة له أي رب الشجرأو البناء وحده لما سبق وإن تنازعا مسناة أي سدا يرد ماء النهر من جانبه بين نهر أحدهما وأرض الآخر حلف كل أن نصفهما له وتناصفاها لأنه حاجز بين ملكيهما ينتفع به كل منهما أشبه الحائط بين الدارين أو تنازعا جدارا بين ملكيهما خلف كل منهما أن نصفه له ويقرع بينهما إن تشاحا في المبتدي منهما باليمين لحديث البخاري عن أبي هريرة [ أن النبي A عرض على قوم اليمين فأسرعوا فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف ] قال ابن هبيرة : هذا فيمن تساووا في سبب الاستحقاق لكون الشيء في يد مدعيه ويريد يحلف ويستحقه ولا يقدح في حكم المسألة إن حلف أحدهما أوكل منهما أن كله أي المتنازع فيه له وتناصفاه أي الجدار بين ملكيهما ك حائط معقود ببنائهما إذا تنازعاه فيحلف كل منهما ويتناصفانه لأن كلا منهما يده على نصفه وإن كان الحائط معقودا ببناء أحدهما وحده أو متصلا به أي ببناء أحدهما اتصالا لا يمكن إحداثه عادة أو كان له أي لأحدهما عليه أزج قال ابن البناء : هو القبو وقال الجوهري : ضرب من الأبنية أو كان لاحدهما عليه سترة مبنية أو قبة ف الجدار له أي لمن له ذلك عملا بالظاهر بيمينه لأنه ظاهرلا يقين إذ يحتمل بناء الآخر له الحائط تبرعا أوأنه وهبه إياه ونحوه وإن كان معقودا ببناء أحدهما عقدا يمكن إحداثه كالبناء باللبن والآجر لم يرجح به فانه يمكن أن ينزع من الحائط المبنى نصف لبنة أوآجرة ويجعل مكانها لبنة صحيحة ولا ترجيح لأحد المتنازعين بوضع خشبة على الجدار المتنازع فيه لأنه مما يسمح به الجار وورد الخبر بالنهي عن المنع منه كإسناد متاعه اليه ولا بوجود آخر أوحجارة ولا كون الآجرة الصحيحة مما يلي أحدهما وقطع الآجر مما يلي الآخر و لا بتزويق وتجصيص ومعاقد قمط في خص لعموم حديث البينة على المدعي واليمين على من أنكر ولأن وجوه الآجر ومعاقد القمط إذا كانا شريكين في الجدار والخص لابد أن يكون الى أحدهما إذ لا يمكن كونه اليهما جميعا فبطلت دلالته كالتزويق والتجصيص لأنه مما يمكن إحداثه وإن تنازع رب علو ورب سفل في سقف بينهما تحالفا و تناصفاه لحجزه بين ملكيهما وانتفاعهما به واتصاله ببناء كل منهما كالحائط بين ملكيهما و إن تنازع رب علو ورب سفل في سلم منصوب أو في درجة يصعد منها وليس تحتها مرفق لصاحب السفل كدكة أو سلم مسمر ف السلم لرب العلو عملا بالظاهر لأنها من مرافقه إلا أن يكون تحتها أي الدرجة مسكن لصاحب السفل ف يتحالفان و يتناصفاها أي الدرجة لأن يدهما عليها ولأنها سقف السفلاني وموطىء للفوقاني وإن كان تحتها طاق صغيرلم تبن الدرجة لأجله وإنما جعل مرفقا تجعل فيه جرار الماء ونحوه فهي لصاحب العلو وإن تنازعا أي رب العلوورب السفل الصحن المتوصل منه الى الدرجة و الحال أن الدرجة بصدره أي الصحن ف الصحن بينهما لأن يديهما عليه وإن كانت الدرجة في الوسط أي وسط الصحن فما اليها أي الدرجة من الصحن بينهما لأن يدهما عليه وما وراءه أي المكان الذي به الدرجة من باقي الصحن لرب السفل وحده لأنه لا يد لرب العلو عليه وكذا لو تنازع رب باب بصدر درب غير نافذ ودرب باب بوسطة أي الدرب في الدرب فمن أوله إلى الباب وسطه بينهما وما وراء الباب بوسطه إلى صدره لمن بابه بصدره لما تقدم