باب الموصى له .
وهو الثالث من أركان الوصية تصح الوصية لكل من يصح تمليكه من مسلم معين كزيد أولا كالفقراء وكافر معين لقوله تعالى : { إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا } قال محمد بن الحنفية وعطاء وقتادة : إن ذلك هو وصية المسلم لليهودي ولو مرتدا أو حربيا كالهبة فلا تصح لعامة النصارى أونحوهم لكن لو وصى لكافر بعبد مسلم أو مصحف أوسلاح أوحد قذف لم تصح وبعبد كافرفأسلم قبل موت موص بطلت وكذا بعد موته وقبل القبول لأنه لا يجوز أن يبتدىء الكافرملكا على مسلم و تصح وصية لمكاتبه ومكاتب وارثه ك ما تصح لمكاتب الأجنبي من موص لأن المكاتب مع سيده كالأجنبي في المعاملات فكذا في الوصية وسواء وصى له بجزء مشاع كثلثه أو ربعه أو بمعين كثوب وفرس لأن الورثة لا يملكون مال المكاتب بموت سيده و تصح وصيته لأم ولده لأنها حرة عند لزوم الوصية و كوصيته أن ثلث قريته مثلا وقف عليها ما دامت على ولدها أي حاضنة لولدها منه وان شرط في وصيته عدم تزويجها أي أم ولده أو زوجته الحرة ففعلت أي وافقت عليه وأخذت الوصية ثم تزوجت ردت ما أخذت لبطلان الوصية بفوات شرطها بخلاف ما لو وصى بعتق أمة على أن لا تتزوج فمات فقالت لا أتزوج عتقت فاذا تزوجت لم يبطل عتقها لأنه لا يمكن رفعه بخلاف الوصية وبحث فيه الحارثي وذكرته في شرح الاقناع وان دفع لزوجته مالا على ان لا تتزوج بعد موته فتزوجت ردت المال إلى ورثته نصا وإن أعطته مالا على ان لا يتزوج عليها رده إذا تزوج و تصح وصيته لمدبره لأنه يصير حراعند لزوم الوصية كأم ولده فان ضاق ثلثه أي المخلف عنه أي عن المدبر وعن وصيته أي الموصى له به بدىء بالبناء للمفعول من ثلثه بعتقه فيقدم على الوصية له لأنه أنفع له منها و تصح وصيته لقنه أي رقيقه غير مدبره ومكاتبه وأم ولده بمشاع من ماله كثلث وربع و يصح وصيته لقنه بنفسه ورقبته أي القن بأن يقول : أوصيت لك بنفسك أو برقبتك كما لو وصى له بعتقه و يعتق كله بقبوله إن خرج كله من ثلثه لأن القن يدخل في الجزء المشاع فيملك الجزء الموصى به من نفسه بقبوله فيعتق منه بقدره لتعذرملكه لنفسه ثم يسري العتق لبقيته إن حمله الثلث كما لو أعتق بعض عبده وإلا يخرج كله من الثلث بل بعضه ف انه يعتق منه بقدره أي الثلث أن لم تجز الورثة عتق باقيه فلوكانت الوصية لقنه بثلث المال وقيمته مائة وله سواه خمسون عتق نصفه وان كانت الوصية به أي الثلث مثلا وفضل منه شيء بعد عتقه أخذه فلو وصى له بالثلث وقيمته مائة وله سواه خمسمائة عتق وأخذ مائة لأنها تمام الثلث الموصى به وإن وصي له بربع المال وقيمته مائة وله سواه ثمانمائة عتق واعطى مائة وخمسة وعشرين تمام الربع وان وصى لقنه بجزء منه كثلثه وربعه وخرج كله من الثلث عتق ما وصى له به من نفسه وفي بقيته روايتان و لا تصح الوصية لقنه بمعين لا يدخل هو فيه كدار وفرش وثوب وقن غيره ومائة من ماله لأنه لم يدخل منه شيء فيما وصى له به فلايعتق منه شيء وإذالم يعتق منه شيء آل إلى الورثة وكان ما وصى به له لهم فيصيركأن الميت وصى لورثته بما يرثونه فتلغو الوصية لعدم فائدتها ولا تصح وصيته لقن غيره لأنه لا يملك أشبه ما لو وصى لحجرهذا معنى كلامه في التنقيح وفي المقنع وتصح لعبد غيره قال في الانصاف : هذا المذهب وعليه الأصحاب انتهى وجزم به في الإقناع وعليه فتكون لسيده بقبول القن ولا يفتقر إلى إذن سيده ولا تصح وصيته لحمل إلا إذا علم وجوده حينها أي الوصية بأن تضعه الأم حيا لأقل من أربع سنين من الوصية ان لم تكن الأم فراشا لزوج أو سيد أو تضعه لأقل من ستة أشهر فراشا كانت أولا من حينها فتصح لأنها تعليق على خروجه حيا والوصية قابلة للتعليق بخلاف الهبة ولأنها تجري مجرى الميراث فان انفصل ميتا بطلت لأنه لا يرث ولاحتمال أن لا يكون حيا حين الوصية سواء مات بعارض من ضرب بطن أو شرب دواء ونحوه أومن غيره وعلم منه انه لو وصى لمن تحمل به هذه المرأة لم تصح لأنها تمليك فلا تصح لمعدوم وكذا لو وصى به أي الحمل من أمة أو فرس ونحوهما فلا تصح إلا إذا علم وجوده حين الوصية على ما تقدم و إن قال موص لحمل امرأة إن كان في بطنك ذكر فله كذا أي ثلاثون درهما مثلا وان كان في بطنك أنثى ف لها كذا أي عشرون درهما مثلا فكانا أي تبين انه كان في بطنها ذكروأنثى بولادتها لهما فلهما أي لكل واحد منهما ما شرط له لوجود الشرط ولو كان قال لها إن كان ما في بطنك أو حملك ذكرا فله كذا وإن كان أنثى فلها كذا فكانا فلا شيء لهما لأن أحط هما بعض ما في بطنها أوحملها لأكله وان وصى لحمل امرأة فولدت ذكرأوأنثى فالوصية لهما بالسوية لأن ذلك عطية وهبة أشبه ما لو وهبهما شيئا بعد ولادتهما وإن فاضل بينهما فعلى ما قاله كالوقف والخنثى له ما للأنثى حتى يتبين أمره ذكره في الكافي وطفل : من لم يميز وظاهره من ذكر وأنثى وصبي وغلام ويافع ويتيم : من لم يبلغ فتطلق هذه الأسماء على الولد من ولادته الى بلوغه بخلاف الطفل فإلى تميزه قال الجوهري الصبي كالغلام ولا يشمل اليتيم ولد رنا لأن اليتيم من فقد الأب بعد وجوده وهذا لم يكن له أب ومراهق من قاربه أي البلوغ قال في القاموس : وراهق الغلام قارب الحلم وشاب وفتى منه أي البلوغ إلى ثلاثين سنة وكهل منها أي من الثلاثين إلى خمسين سنة قال في القاموس الكهل من وخطه الشيب ورؤيت له بجالة أو من جاوز الثلاثين أو أربعا وثلاثين إلى إحدى وخمسين انتهى والبجالة مصدر بجل كعظم وشيخ منها أي الخمسين إلى سبعين ثم من جاوزها هرم إلى آخر عمره وإن قتل وصى موصيا قتلا مضمونا ولو خطأ بطلت لأنه يمنع الميراث وهوآكد منها فهي أولى و لا تبطل الوصية إن جرحه ثم أوعى المجروح له أي لجارحه فمات المجروح من الجرح لأنها بعد الجرح صدرت من أهلها في محلها فلم يطرأ عليها ما يبطلها وكذا فعل مدبر بسيده فإن قتل سيده بعد أن دبره بطل وإن جرح سيده ثم دبره ومات من الجرح لم يبطل تدبيره وتصح الوصية لصنف من أصناف الزكاة كالفقراء والغزاة و تصح لجميعها أي أصناف الزكاة لأنهم يملكون ويعطى كل واحد من الموصى لهم من الوصية تدر ما يعطى من زكاة حملا للمطلق من كلام الآدمي على المعهود الشرعي ولا يجب التعميم ولا التسوية على ما سبق في الزكاة قال الحارثي : وظاهركلام الأصحاب جواز الاقتصار على البعض كالزكاة والأقوى أن لكل صنف ثمنا قال والمذهب جواز الاقتصار على الشخص الواحد من الصنف انتهى ويستحب تعميم من أمكن منهم وتعميم أقارب موص ولا يعطي إلا المستحق من أهل بلده و تصح الوصية لكتب قرآن وعلم لأنه مطلوب شرعا فصح الصرف فيه كالصدقة و تصح الوصية ل مسجد كالوقف عليه وتصرف في مصلحته لأنه العرف ويبدأ الناظر بالأهم والأصلح باجتهاده فإن قال ان مت فبيتي للمسجد أو فأعطوه مائة من مالي فقال في الفروع : يتوجه صحته و تصح الوصية لفرس حبيس ينفق عليه لأنه من أنواع البر فإن مات الفرس الموصى له قبل صرف موصى به أو بعضه رد بالبناء للمفعول موصى به أو باقيه للورثة لبطلان محل الوصية كما لو وصى لإنسان بشيء فرده ولا يصرف في فرس حبيس آخرنصا كوصية بعتق عبد زيد فتعذر عتقه لموته أو نحوه فثمنه للورثة أو وصيته ب شراء عبد بألف ليعتق عنه أو بشراء عبد زيد بها أي الألف فاشتروه أي عبد زيد بدون الألف أو اشتروا عبدا يساويها أي الألف بدونها فالفاضل للورثة لأنه لا مستحق له غيرهم وإذا أراد الموصي تمليك المسجد أو الفرس لم تصح الوصية قاله في المباع وإن وصى بشيء في أبواب البرصرف في القرب جميعها لعموم اللفظ وعدم المخصص ويبدأ منها بالغزو نصا لقول أبي الدرداء : لأنه أفضل القرب ولو قال موص لوصيه ضع ثلثي حيث أراك الله تعالى أوحيث يريك الله تعالى فله صرفه في أي جهة من جهات القرب رأى وضعه فيها عملا بمقتضى الوصية والأفضل صرفه إلى فقراء أقاربه أي الموصى غير الوارثين لأنه فيهم صدقة وصلة فإن لم يكن للموصى أقارب من النسب ف إلى محارمه من الرضاع كأمه وأبيه وأخيه منهم فإن لم يكونوا ف إلى جيرانه ولا يجب ذلك لأنه جعله إلى ما يراه فلا يجوزتقييده بالتحكم وإن وصى أن يحج عنه بألف صرف الألف من الثلث إن كان الحج تطوعا في حجة بعد أخرى راكبا كان الحاج عن الموصي أو راجلا يدفع إلى كل من الراكب والراجل قدر ما يحج به فقط لأنه أطلق المصرف في المعاوضة فاقتضى عوض المثل كالتوكيل في بيع وشراء حتى ينفذ الألف الموصى به في الحج لأنه وصى بجميعة في جهة قربة فوجب صرفه فيها كما لو وصى به في سبيل الله تعالى فلو لم يكف الألف أن يحج به من بلد موص أو لم تكف البقية منه إن صرف منه في حجه أو أكثر وبقي شيء لا يمكن أن يحج به من بلد موص حج به أي الألف أو الباقي من حيث يبلغ نصالأنه قد عين صرفه في الحج فصرفه فيه بحسب الإمكان ولا يصح حج وصي بإخراجها أي نفقة الحج نصا لأنه منفذ فهوكقوله : تصدق عني بكذا لا يأخذ منه وكذا لو وصى بصرفه في الغزو ولا يصح حج وارث به لأنه خلاف ما يظهرمن غرض موص وإن قال يحج عني حجة بألف دفع الكل إلى من يحج به لأنه مقتضى وصيته فإن عينه أي من يحج عنه بأن قال : يحج عني زيد حجة بألف فأبى زيد الحج بطلت الوصية في حقه أي بطل تعيينه لأنها وصية فيها حق للحج وحق للموصى له فإذا رد بطل في حقه دون غيره كقوله : بيعوا عبدي لفلان وتصدقوا بثمنه فلم يقبله وكذا لو لم يقدر الموصى له بفرس في السبيل على الخروج نقبه أبو ظالب ويحج عنه ثقة سوى المعين الراد بأقل ما يمكن من نفقة مثله وحينئذ فالنائب أمين فيما أعطيه ليحج منه وتقدم في الحج أو من أجرة ان صحت الاجارة للحج والبقية أي بقية الألف بعد نفقة مثله أو أجرة للورثة لبطلان محل الوصية بامتناع المعين للحج كما لو وصى به لإنسان فرد الوصيه في حج فرض ونفل فإن لم يمتنع المعين من الحج أعطى الألف لأنه موصى له بالزيادة بشرط حجه وقد بذل نفسه للحج فوجب تنفيذ الوصية على ما قال موص وحسب الفاضل من الألف عن نفقة مثل لتلك الحجة في فرض من الثلث لأنه المتبرع به ونفقة المثل فيها من رأس المال لأنها من الواجبات و حسب الألف جميعه ان كانت الوصية في حج نفل من الثلث لأنها تطوع بألف بشرط الحج عنه ولا يعطى إلا أيام الحج نصا ولو وصى بعتق نسمة بألف فأعتقوا أي الورثة نسمة بخمسمائة لزمهم عتق نسمة أخرى بخمسمائة حيث احتمل الثنث الألف تنفيذا للوصية وإن قال موص : أعتقوا أربعة أرقاء بكذا أي ألف مثلا جاز الفضل بينهم ما لم يسم لكل واحد ثمنا معلوما نصا فإن عينه وجب على ما قاله ولو وصى بعتق عبد زيد وصية له بأن قال يشتري عبد زيد ويعتق ويعطي مإئة فأعتقه سيده أخذ العبد الوصية بالمائة لأن الموصي قد أوصى بوصيتين عتقه وإعطائه المائة فإذا فات عتقه لسبق سيده به بقيت الأخرى ولو وصى بعتق مثل عبد بألف نفذ ذلك إن خرج الألف من الثلث أو اشترى عبد بثلثه أي ثلث المال إن لم يخرج الألف من الثلث ولم تجز الورثة ولو وصى بشراء فرس للغزر بمعين كألف و وصى بمائة نفقة له أي الفرس فاشترى الفرس بأقل منه أي الألف والثلث يحتمل الألف والمائة فباقيه أي الألف نفقة للفرس مع المائة نصا لا إرث لأنه أخرج الألف والمائة في وجه واحد وهو الفرس فهما مال واحد بعضه للثمن وبعضه للنفقة عليه وتقديرالثمن لتحصيل صفة فإذا حصلت فقد حصل الغرض فيخرج الثمن من المال وما في للنفقة بخلاف ما لو وصى بعتق عبد بألف فاشتروا ما يساويه بثمانمائة فالباقي للورثة فإنه لا مصرف له بخلاف مسألتنا وإن وصى لأهل سكته بكسر السين ف الموصى به لأهل زقاقه أي الموصى بضم الزاي وهو دربه سمي سكة لاصطفاف البيوت به وكانت الدروب بمدينة السلام تسمى سككا فيستحق من كان ساكنا به حال الوصية نصا لأنه قد يلحظ اعيان سكانها الموجودين لحصرهم و إن وصى لجيرانه تناول أربعين دارا من كل جانب نصا لحديث أبي هريرة مرفوعا [ الجار أربعون دارا هكذا وهكذا وهكذا وهكذا ] وجار المسجد من سمع أذانه لقول علي في حديث لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد قال من سمع النداء ولا يدخل فيهم من وجد بين الوصية والموت كمن وجد بعد الموت و إن وصى لأقرب قرابته أو وصى لأقرب الناس إليه أو وصى لأقربهم به رحما وله أي الموصي أب وابن أو له جد وأخ لغيرأم فهما سواء حيث لم يرثا لمانع أو أجيزا لأن الأب والابن كل منهما يدلي بنفسه بلا واسطة والجد والأخ يدليان بالأب وأخ من أب وأخ من أم ان دخل الأخ لأم في القرابة سواء لاستوائهما في ابقرب والمذهب لا يدخل ولد أم في القرابة وولد الأبوين أحق منهما أي من الأخ لأب فقط والأخ لأم فقط لأن من له قرابتان أقرب ممق له قرابة واحدة والإناث كالذكور فيها أي في القرابة فالابن والبنت سواء والأخ والآخت سواء والأب أولى من ابن الأبن ومن الجد ومن الأخوة وفي الترغيب أن ابن الابن أولى من الأب قال : وكل من قدم قدم ولده إلا الجد فإنه يقدم على بني أخوته وأخاه لأبيه فإنه يقدم على ابن أخيه لأبوين