باب اللقطة .
وهي اسم لما يلتقط : من مال أو مختص ضائع وما في معناه لغير حربي يلتقطه غير ربه وينقسم ثلاثة أقسام : .
أحدها : ما لا تتبعه همة أوساط الناس : كالسوط والشسع والرغيف والكسرة والثمرة والعصا ونحو ذلك وما قيمته كقيمة ذلك فيملك بأخذه وينتفع به آخذه بلا تعريف والأفضل أن يتصدق به ولا يلزمه دفع بدله أن وجد ربه ولعل المراد إذا تلف فأما أن كان موجودا ووجد ربه فيلزمه دفعه إليه وكذا لو لقي كناس ومن في معناه قطعا صغارا مفرقة ولو كثرت ومن ترك دابة بمهلكة أو فلاة ترك اياس لانقطاعها أو عجزه عن علفها ملكها آخذها وإلا أن يكون تركها ليرجع إليها أو ضلت منه وتقدم آخر أحياء الموات وكذا ما ألقى خوف الغرق .
الثاني : الضوال التي تمتنع من صغار السباع : مثل ثعلب وذئب وابن آوى وولد الأسد كإبل وخيل وبقر وبغال وطيور تمتنع بطيرانها وظباء وكفهود فعلمة وكحمر وخالف الموفق فيها فهذا القسم غير الآبق يحرم التقاطه ولا يملكه بتعريفه وأن أتفق عليه لم يرجع لتعديه فان تبع شيء منها دوابه فطرده أو دخل فأخرجه فلا ضمان عليه حيث لم يأخذه ولم يثبت يده عليه لكن لإمام ونائبه فقط أخذ ذلك ليحفظه لربه لا على سبيل الإلتقاط ولا يلزمهما تعريفه ولا تكفي فيه الصفة ومن أخذه ولم يكتمه ضمنه أن تلف أو نقص كغاصب وأن كتمه وتلف ضمنه بقيمته مرتين إما ما كان أو غيره وأن لم يتلف فان دفعه إلى الإمام أو نائبه أو أمره برده إلى مكانه زال عنه الضمان وكذا من أخذ من نائم أو ساه شيئا لا يبرأ برده بل بتسليمه لربه بعد انتباهه أو الإمام أو نائبه ولا يحرم التقاط الكلب المعلم وينتفع به في الحال ويسم الإمام ما يحصل عنده من الضوال بأنها ضالة ويشهد عليها ثم أن كان له حمى يرعى فيه تركها فيه أن رأى ذلك وأن رأى بيعها أو لم يكن له باعها بعد أن يحليها ويحفظ صفاتها ويحفظ ثمنها لصاحبها ويجوز التقاط الصيود المتوحشة التي إذا تركت رجعت إلى الصحراء لشرط عجز ربها وأحجار الطواحين الكبيرة والقدور الضخمة والأخشاب الكبيرة ملحقة بإبل ويجوز التقاط قن الصغير ذكرا كان أو أنثى ولا يملك بالالتقاط قال الموفق لأنه محكوم بحريته .
الثالث : سائر الأموال : كالأثمان والمتاع ومالا يمتنع من صغار السباع : كالغنم والفصلان والعجاجيل وجحاش الحمير والأفلاء والإوز والدجاج ونحوها سواء وجد ذلك بمصر أو بمهلكة لم ينبذه ربه رغبة عنه فمن لا يأمن نفسه عليها لا يجوز له أخذها بهذه النية ضمنها ولو تلفت بغير تفريط ولم يملكها وأن عرفها ومن أخذها بنية الأمانة ثم طرأ قصد الخيانة لم يضمن ومن أمن نفسه عليها وقوى على تعريفها فله أخذها والأفضل تركها ولو وجدها بمضيعة وأن عجز عن تعريفها فليس له آخذها ومتى أخذها ثم ردها إلى موضعها أو فرط فيها ضمنها إلا أن يكون ردها بأذن الإمام أو نائبه ولو ممتنعا كما تقدم وأن ضاعت اللقطة من ملتقطها في حول التعريف بغير تفريط فلا ضمان عليه فأن التقطها آخر فعلم أنها ضاعت من الأول فعليه ردها إليه فأن لم يعلم الثاني بالحال حتى عرفها حولا ملكها ولا يملك الأول انتزاعها منه فإذا جاء صاحبها أخذها من الثاني وليس له مطالبة الأول وأن علم الثاني بالأول فردها إليه فأبى أخذها وقال : عرفها أنت فعرفها ملكها أيضا وأن قال : عرفها وتكون ملكا لي ففعل فهو نائبه في التعريف ويملكها الأول وأن قال : عرفها وتكون بيننا ففعل صح أيضا وكانت بينهما وأن غصبها غاصب من الملتقط وعرفها لم يملكها .
واللقطة على ثلاثة أضرب : أحدهما : حيوان فيلزمه فعل إلا حظ من أكله وعليه قيمته أو بيعه وحفظ ثمنه لصاحبه وله أن يتولى ذلك بنفسه ولا يحتاج إلى إذن الإمام في الأكل والبيع ويلزمه حفظ صفتها فيهما أو حفظه والإنفاق عليه من ماله ولا يتملكه فأن تركه ولم ينفق عليه ضمنه ويرجع به ما لم يتعد : أن نوى الرجوع وإلا فلا فأن استوت الثلاثة خير بينها قال الحارثي : وأولي الأمور الحفظ مع الإنفاق ثم البيع وحفظ الثمن ثم الأكل وغرم القيمة .
والثاني : ما يخشى فساده : كطبيخ وبطيخ وفاكهة وخضروات ونحوها فيلزمه فعل إلا حظ : من أكله وعليه قيمته وبيعه بلا حكم حاكم وحفظ ثمنه ولو تركه حتى تلف ضمنه فان استويا خير بينهما وقيده جماعة بعد تعريفه بقدر ما يخاف معه فساده ثم هو بالخيار إلا إن يمكن تجفيفه كالعنب فيفعل ما يرى الحظ فيه لمالكه : من الأكل والبيع والتجفيف وغرامة التجفيف منه فيبيع بعضه في ذلك الثالث : سائر الأموال ويلزمه حفظ الجميع وتعريفه على الفور : حيوانا كان أو غيره بالنداء عليه بنفسه أو بنائبه في مجامع الناس كالأسواق والحمامات وأبواب المساجد أدبار الصلوات ويكره فيها ويكثر منه في موضع وجدانها وفي الوقت الذي يلي التقاطها حولا كاملا : نهارا كل يوم مرة أسبوعا ثم مرة من كل أسبوع من شهر ثم مرة في كل شهر ولا يصفه بل يقول : من ضاع منه شيء أو نفقة وأن سافر وكل من يعرفها فأن التقط في صحراء عرفها في أقرب البلاد من الصحراء وأجرة المنادي على الملتقط ولا يرجع بها ولا تعرف كلاب بل ينتفع بالمباح منها وأن كان لا يرجى وجود صاحب اللقطة لم يجب تعريفها في أحد القولين ولو أخر التعريف عن الحول الأول أو بعضه أثم وسقط كالتقاطه بنية تملكه أو لم يرد تعريفه ولا يملكها بالتعريف بعد الحول الأول وكذا لو تركه فيه عجزا : كمريض ومحبوس أو إنسانا أو تركه في بعض الحول أو وجدها صغيرا ونحوه فلم يعرفها وليه أو ضاعت فعرفها الثاني مع علمه بالأول ولم يعلمه أو أعلمه وقصد بتعريفها لنفسه لم يملكها وليس خوفه أن يأخذها سلطان جائر أو يطالبه بأكثر عذرا في ترك تعريفها فأن أخره لم يملكها إلا بعده وإذا عرفها فلم تعرف دخلت في ملكه بعد الحول حكما : كالميراث ولو عروضا : كأثمان ولقطة الحرم أو كان سقوطها من صاحبها بعدوان غيره