وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( تابع . . . 1 ) : - القسم الثاني من الصوم المفروض : .
ومن خير في ذلك فجمعا بين الآية والأثر فهذه هي أحكام المسافر والمريض من الصنف الذي يجوز لهم الفطر والصوم . وأما باقي هذا الصنف وهو المرضع والحامل والشيخ الكبير فإن فيه مسألتين مشهورتين : إحداهما الحامل والمرضع إذا أفطرتا ماذا عليهما ؟ وهذه المسألة للعلماء فيها أربعة مذاهب : أحدها أنهما يطعمان ولا قضاء عليهما وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس . والقول الثاني أنهما يقضيان فقط ولا إطعام عليهما وهو مقابل الأول وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وأبو عبيد وأبو ثور . والثالث أنهما يقضيان ويطعمان وبه قال الشافعي والقول الرابع أن الحامل تقضي ولا تطعم والمرضع تقضي وتطعم وسبب اختلافهم تردد شبههما بين الذي يجهده الصوم وبين المريض فمن شبههما بالمريض قال : عليهما القضاء فقط ومن شبههما بالذي يجهده الصوم قال عليهما الإطعام فقط بدليل قراءة من قرأ { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين } الآية . وأما من جمع عليهما الأمرين فيشبه أن يكون رأى فيهما من كل واحد شبها فقال : عليهما القضاء من جهة ما فيهما من شبه المريض وعليهما الفدية من جهة ما فيهما من شبه الذين يجهدهم الصيام ويشبه أن يكون شبههما بالمفطر الصحيح لكن يضعف هذا فإن الصحيح لا يباح له الفطر . ومن فرق بين الحامل والمرضع ألحق الحامل بالمريض وأبقى حكم المرضع مجموعا من حكم المريض وحكم الذي يجهده الصوم أو شبهها بالصحيح ومن أفرد لهما أحد الحكمين أولى والله أعلم ممن جمع كما أن من أفردهما بالقضاء أولى ممن أفردهما بالإطعام فقط لكون القراءة غير متواترة فتأمل هذا فإنه بين . وأما الشيخ الكبير والعجوز اللذان لا يقدران على الصيام فإنهم أجمعوا على أن لهما أن يفطرا واختلفوا في ما عليهما إذا أفطرا فقال قوم : عليهما الإطعام . وقال قوم ليس عليهما إطعام وبالأول قال الشافعي وأبو حنيفة وبالثاني قال مالك إلا أنه استحبه . وأكثر من رأى الإطعام عليهما يقول مد عن كل يوم وقيل إن حفن حفنات كما كان أنس يصنع أجزأه . وسبب اختلافهم اختلافهم في القراءة التي ذكرناها أعني قراءة من قرأ { وعلى الذين يطوقونه } فمن أوجب العمل بالقراءة التي لم تثبت في المصحف إذا وردت من طريق الآحاد العدول قال : الشيخ منهم ومن لم يوجب بها عملا جعل حكمه حكم المريض الذي يتمادى به المرض حتى الموت فهذه هي أحكام الصنف من الناس الذين يجوز لهم الفطر أعني أحكامهم المشهورة التي أكثرها منطوق به أو لها تعلق بالمنطوق به في الصنف الذي يجوز له الفطر . وأما النظر في أحكام الصنف الذي يجوز له الفطر إذا أفطر فإن النظر في ذلك يتوجه إلى من يفطر بجماع وإلى من يفطر بغير جماع وإلى من يفطر بأمر متفق عليه وإلى من يفطر بأمر مختلف عليه أعني بشبهة أو بغير شبهة وكل واحد من هذين إما أن يكون على طريق السهو أو طريق العمد أو طريق الإختيار أو طريق الإكراه . أما من أفطر بجماع متعمدا في رمضان فإن الجمهور على أن الواجب عليه القضاء والكفارة لما ثبت من حديث أبي هريرة أنه قال " جاء رجل إلى رسول الله A فقال : هلكت يا رسول الله قال : وما أهلكك ؟ قال وقعت على إمرأتي في رمضان قال : هل تجد ما تعتق به رقبة ؟ قال : لا قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا قال : فهل تجد ما تطعم به ستين مسكينا ؟ قال : لا ثم جلس فأتى النبي A بفرق فيه تمر فقال : تصدق بهذا فقال : أعلى أفقر مني ؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا قال : فضحك النبي A حتى بدت أنيابه ثم قال : إذهب فأطعمه أهلك " واختلفوا من ذلك في مواضع : منها هل الإفطار متعمدا بالأكل والشرب حكمه كلإفطار في الجماع في القضاء والكفارة أم لا ؟ ومنها إذا جامع ساهيا ماذا عليه ؟ ومنها ماذا على المرأة إذا لم تكن مكرهة ؟ ومنها هل الكفارة واجبة فيه مترتبة أو على التخيير ؟ ومنها كم المقدار الذي يجب أن يعطى كل مسكين إذا كفر بالإطعام ؟ ومنها هل الكفارة متكررة بتكرر الجماع أم لا ؟ ومنها إذا لزمه الإطعام وكان معسرا هل يلزمه الإطعام إذا أثرى أم لا ؟ وشذ قوم فلم يوجبوا على المفطر عمدا بالجماع إلا القضاء فقط إما لأنه لم يبلغهم هذا الحديث وأما أنه لم يكن الأمر عزمة في هذا الحديث لأنه لو كان عزمة لوجب إذا لم يستطع الإعتاق أو الإطعام أن يصوم ولا بد إذا كان صحيحا على ظاهر الحديث وأيضا لو كان عزمة لأعلمه E أنه إذا صح أنه يجب عليه الصيام أن لو كان مريضا وكذلك شذ قوم أيضا فقالوا : ليس عليه إلا الكفارة فقط إذ ليس في الحديث ذكر القضاء والقضاء الواجب بالكتاب إنما هو لمن أفطر ممن يجوز له الفطر أو ممن لا يجوز له الصوم على الاختلاف الذي قررناه قبل في ذلك فأما من أفطر متعمدا فليس في إيجاب القضاء عليه نص فيلحق في قضاء المتعمد الخلاف الذي لحق في قضاء تارك الصلاة عمدا حتى خرج وقتها إلا أن الخلاف في هاتين المسألتين شاذ . وأما الخلاف المشهور فهو في المسائل التي عددناها قبل .
( أما المسألة الأولى ) وهي هل تجب الكفارة بالإفطار بالأكل والشرب متعمدا فإن مالك وأصحابه وأبا حنيفة وأصحابه والثوري وجماعة ذهبوا إلى أن من أفطر متعمدا بأكل أو شرب أن عليه القضاء والكفارة المذكورة في هذا الحديث . وذهب الشافعي وأحمد وأهل الظاهر إلى أن الكفارة إنما تلزم في الإفطار من الجماع فقط . والسبب في اختلافهم اختلافهم في جواز قياس المفطر بالأكل والشرب على المفطر بالجماع فمن رأى أن شبههما فيه واحد وهو انتهاك حرمة الصوم جعل حكمهما واحد . ومن رأى أنه وإن كانت الكفارة عقابا لإنتهاك الحرمة فإنها أشد مناسبة للجماع منها لغيره وذلك أن العقاب المقصود به الردع والعقاب الأكبر قد يوضع لما إليه النفس أميل وهو لها أغلب من الجنايات وإن كانت الجناية متقاربة إذ كان المقصود من ذلك إلتزام الناس بالشرائع وأن يكونوا أخيارا عدولا كما قال تعالى { كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } قال هذه الكفارة المغلظة خاصة بالجماع وهذا إذا كان ممن يرى القياس . وأما من لا يرى القياس فأمره بين أنه ليس يعدى حكم الجماع إلى الأكل والشرب . وأما ما روى مالك في الموطأ أن رجلا أفطر في رمضان فأمره النبي A بالكفارة المذكورة فليس بحجة لأن قول الراوي فأفطر هو مجمل والمجمل ليس له عموم فيؤخذ به لكن هذا قول على إن الراوي كان يرى أن الكفارة لموضع الإفطار ولولا ذلك لما عبر بهذا اللفظ ولذكر النوع من الفطر الذي أفطر به .
( وأما المسألة الثانية ) وهو إذا جامع ناسيا لصومه فإن الشافعي وأبا حنيفة يقولان : لا قضاء عليه ولا كفارة . قال مالك : عليه القضاء دون الكفارة . وقال أحمد وأهل الظاهر عليه القضاء والكفارة وسبب اختلافهم في قضاء الناسي معارضة ظاهر الأثر في ذلك للقياس وأما القياس فهو تشبيه ناسي الصوم بناسي الصلاة فمن شبهه بناسي الصلاة أوجب عليه القضاء كوجوبه بالنص على ناسي الصلاة . وأما الأثر المعارض بظاهره لهذا القياس فهو ما خرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله A : " من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه " وهذا الأثر يشهد له عموم قوله E " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ومن هذا الباب اختلافهم فيمن ظن أن الشمس قد غربت فأفطر ثم ظهرت الشمس بعد ذلك هل عليه قضاء أم لا ؟ وذلك أن هذا مخطئ والمخطئ والناسي حكمهما واحد فكيفما قلنا فتأثير النسيان في إسقاط القضاء بين والله أعلم . وذلك أنا إن قلنا أن الأصل هو أن لا يلزم الناسي قضاء حتى يدل الدليل على ذلك وجب أن يكون النسيان لا يوجب القضاء في الصوم إذ لا دليل ههنا على ذلك بخلاف الأمر في الصلاة وإن قلنا أن الأصل هو إيجاب القضاء حتى يدل الدليل على رفعه عن الناسي فقد دل الدليل في حديث أبي هريرة على رفعه عن الناسي اللهم إلا أن يقول قائل : إن الدليل الذي استثنى ناسي الصوم من ناسي سائر العبادات التي رفع عن تاركها الحرج بالنص هو قياس الصوم على الصلاة ولكن إيجاب القضاء فيه ضعف وإنما القضاء عند الأكثر واجب بأمر متجدد . وأما من أوجب القضاء والكفارة على المجامع ناسيا فضعيف فإن تأثير النسيان في إسقاط العقوبات بين في الشرع والكفارة من أنواع العقوبات وإنما أصارهم إلى ذلك أخذهم بمجمل الصفة المنقولة في الحديث أعني من أنه لم يذكر فيه أنه فعل ذلك عمدا ولا نسيانا لكن من أوجب الكفارة على قاتل الصيد نسيانا لم يحفظ أصله في هذا مع أن النص إنما جاء في المتعمد وقد كان يجب على أهل الظاهر أن يأخذوا بالمتفق عليه وهو إيجاب الكفارة على العامد إلى أن يدل الدليل على إيجابها على الناسي أو يأخذوا بعموم قوله E " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " حتى يدل الدليل على التخصيص ولكن كلا الفريقين لم يلزم أصله وليس في مجمل ما نقل من حديث الأعرابي حجة . ومن قال من أهل الأصول إن ترك التفصيل في اختلاف الأحوال من الشارع بمنزلة العموم في الأقوال فضعيف فإن الشارع لم يحكم قط إلا على مفصل وإنما الإجمال في حقنا .
( وأما المسألة الثالثة ) وهو اختلافهم في وجوب الكفارة على المرأة إذا طاوعته على الجماع فإن أبا حنيفة وأصحابه ومالكا وأصحابه أوجبوا عليها الكفارة وقال الشافعي وداود : لا كفارة عليها . وسبب اختلافهم معارضة ظاهر الأثر للقياس وذلك أنه E لم يأمر المرأة في الحديث بالكفارة والقياس أنها مثل الرجل إذ كان كلاهما مكلف .
( وأما المسألة الرابعه ) وهي هل هذه الكفارة مرتبة ككفارة الظهار أو على التخيير وأعني بالترتيب أن لا ينتقل المكلف إلى واحد من الواجبات المخيرة إلا بعد العجز عن الذي قبله وبالتخيير أن يفعل منها ما شاء ابتداء من غير عجز عن الآخر فإنهم أيضا اختلفوا في ذلك فقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري وسائر الكوفيين : هي غير مرتبة فالعتق أولا فإن لم يجد فالصيام فإن لم يستطع فالإطعام . وقال مالك : هي على التخيير . وروى عنه ابن القاسم مع ذلك أنه بستحب الإطعام أكثر من العتق ومن الصيام . وسبب اختلافهم في وجوب الترتيب تعارض ظواهر الآثار في ذلك والأقيسة وذلك أن ظاهر حديث الأعرابي المتقدم يوجب أنها على الترتيب إذ سأله النبي E عن الاستطاعة عليها مرتبا وظاهر ما رواه مالك من " أن رجلا أفطر في رمضان فأمره رسول الله A أن يعتق رقبه أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا " أنها على التخيير إذ أو إنما تقتضي في لسان العرب التخيير وإن كان ذلك من لفظ الراوي الصاحب إذ كانوا هم أقعد بمفهوم الأحوال ودلالات الأقوال . وأما الأقيسة المعارضة في ذلك فتشبيهها تارة بكفارة الظهار وتارة بكفارة اليمين لكنها أشبه بكفارة الظهار منها بكفارة اليمين وأخذ الترتيب من حكاية لفظ الراوي . وأما استحباب مالك الإبتداء بالإطعام فمخالف لظواهر الآثار وإنما ذهب إلى هذا من طريق القياس لأنه رأى الصيام قد وقع بدله الإطعام في مواضع شتى من الشرع وإنه مناسب له أكثر من غيره بدليل قراءة من قرأ { وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مساكين } ولذلك استحب هو وجماعة من العلماء لمن مات وعليه صوم أن يكفر بالإطعام عنه وهذا كأنه من باب ترجيح القياس الذي تشهد له الأصول على الأثر الذي لا تشهد له الأصول .
( وأما المسألة الخامسة ) وهو اختلافهم في مقدار الإطعام فإن مالكا والشافعي وأصحابهما قالوا : يطعم لكل مسكين مدا بمد النبي A وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا يجزئ أقل من مدين بمد النبي A وذلك نصف صاع لكل مسكين . وسبب اختلافهم معارضة القياس للأثر . وأما القياس فتشبيه هذه الفدية بفدية الأذى المنصوص عليها . وأما الأثر فما روي في بعض طرق حديث الكفارة أن الفرق كان فيه خمسة عشر صاعا لكن ليس يدل كونه فيه خمسة عشر صاعا على الواجب من ذلك لكل مسكين إلا دلالة ضعيفة وإنما يدل على أن بدل الصيام في هذه الكفارة هو هذا القدر .
( وأما المسألة السادسة ) وهي تكرر الكفارة بتكرر الإفطار فإنهم أجمعوا على أن من وطئ في يوم رمضان ثم كفر ثم وطئ في يوم آخر أن عليه كفارة أخرى وأجمعوا على أنه من وطئ مرارا في يوم واحد أنه ليس عليه إلا كفارة واحدة . واختلفوا فيمن وطئ في يوم من رمضان ولم يكفر حتى وطئ في يوم ثان فقال مالك والشافعي وجماعة : عليه لكل يوم كفارة وقال أبو حنيفة وأصحابه : عليه كفارة واحدة ما لم يكفر عن الجماع الأول . والسبب في اختلافهم تشبيه الكفارات بالحدود فمن شبهها بالحدود قال : كفارة واحدة تجزئ في ذلك عن أفعال كثيرة كما يلزم الزاني جلد واحد وإن زنى ألف مرة إذا لم يحد لواحدة منها . ومن لم يشبهها بالحدود جعل لكل واحد من الأيام حكما منفردا بنفسه في هتك الصوم فيه أوجب في كل يوم كفارة . قالوا : والفرق بينهما أن الكفارة فيها نوع من القربة . والحدود زجر محض .
( يتبع . . . )