وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

قال وإذا عطب الصيد بفسطاط المحرم أو بحفيرة حفرها للماء فلا شيء عليه بخلاف ما إذا نصب شبكة أو حفر حفيرة لأخذ الصيد لأنه متسبب في الموضعين إلا أن التسبب إذا كان تعديا يكون موجبا للضمان كحفر البئر على الطريق وإذا لم يكن تعديا لا يكون موجبا للضمان كحفر البئر في ملك نفسه ونصب الشبكة من المحرم تعد لأنه قصد به الاصطياد فأما ضرب الفسطاط ليس بتعد إذا لم يقصد به الاصطياد ألا ترى أن الحلال لو نصب شبكة فتعقل بها صيد ملكه حتى لو أخذه غيره كان له أن يسترده منه بخلاف ما إذا ضرب فسطاطا وعلى هذا إذا فزع منه الصيد فاشتد فانكسر لم يلزمه شيء بخلاف ما إذا أفزعه هو أو حركه فإنه وجد بسبب هو فيه متعد فيكون هو ضامنا .
قال محرم اصطاد صيدا فأرسله محرم آخر من يده فلا شيء عليه لأن الصيد محرم العين على المحرم بالنص قال الله تعالى { " وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما " } فلم يملكه بالأخذ كمن اشترى خمرا لا يملكها لأنها محرمة العين فإذا لم يملكه لم يكن المرسل من يده متلفا عليه شيئا ولأنه فعل عين ما يحق عليه فعله شرعا فهو كمن أراق الخمر على المسلم .
قال ولو قتله في يده فعلى كل واحد منهما جزاؤه أما القاتل فلأنه جنى على إحرامه بقتل الصيد وأما الآخذ فلأنه كان متلفا لمعنى الصيدية فيه حكما بإثبات يده ثم يرجع الآخذ بما ضمن من الجزاء على القاتل عندنا وقال " " زفر " - C تعالى - لا يرجع عليه بشيء لأن الآخذ لم يملك الصيد ولا كانت له فيه يد محترمة ووجوب الضمان له على القاتل باعتبار أحد هذين المعنيين ولأنه بالقتل لزمته كفارة يفتي بها ويخرج بالصوم منها فلو رجع عليه إنما يرجع بضمان المالية ويطالب به ويحبس به ولا يجوز له أن يرجع عليه بأكثر مما لزمه وحجتنا في ذلك أن اليد على هذا الصيد كانت يدا معتبرة لحق الآخذ لأنه يتمكن به من الإرسال وإسقاط الجزاء به عن نفسه والقاتل يصير مفوتا عليه هذه اليد فيكون ضامنا له وإن لم يملكه الآخذ كغاصب المدبر إذا قتله إنسان في يده يدل عليه أنه قرر عليه ما كان على شرف السقوط وذلك سبب مثبت للرجوع عليه كشهود الطلاق إذا رجعوا قبل الدخول والذي قال يفتي به ويخرج عنه بالصوم فذلك ليس لمعنى راجع إلى نفس الحق بل لمعنى ممن له الحق فإن حقوق الله تعالى على عباده بطريق الفتوى والخروج عنه بالصوم لأن الله تعالى غني عن مال عباده إنما يطلب منهم التعظيم لأمره ومثل هذا التفاوت لا يمنع الرجوع كالأب إذا غصب مدبر ابنه فغصبه منه آخر ثم أن الابن ضمن أباه رجع الأب على الغاصب منه وإن كان هو لا يحبس فيما لزمه لابنه ويكون له أن يحبس الغاصب منه فيما يطالبه به .
قال ولو أحرم وفي يده ظبي فعليه أن يرسله لأن استدامة اليد عليه بعد الإحرام بمنزلة الإنشاء فإن اليد مستدامة وكما أن إنشاء اليد متلف معنى الصيدية فيه فالاستدامة كذلك .
قال فإن أرسله إنسان من يده فعلى المرسل قيمته في قول " أبي حنيفة " - C تعالى - لذي اليد وهو القياس وعلى قول " أبي يوسف " و ا ا " محمد " - رحمهما الله تعالى - لا شيء عليه استحسانا وهو نظير اختلافهم فيمن أتلف على غيره شيئا من المعازف ف " أبو يوسف " و ا ا " محمد " - رحمهما الله تعالى - قالا : فعله أمر المعروف ونهي عن المنكر لأنه مأمور شرعا بإرساله فإذا كان ذلك مما يلزمه شرعا ففعل ذلك غيره لا يكون مستوجبا للضمان كمن أراق خمر مسلم و " أبو حنيفة " - C تعالى - يقول الصيد قبل الإحرام كان ملكا له متقوما ولم يبطل ذلك بالإحرام .
ألا ترى أن الصيد لو كان في بيته بقي مملوكا متقوما على حاله فالذي أرسله من يده أتلف عليه ملكا متقوما فيضمن له بخلاف إراقة الخمر على المسلم ثم الواجب عليه رفع يده ولو رفع نفسه يرفعه على وجه لا يفوت ملكه بعد ما يحل من إحرامه فإذا فوت هذا المرسل ملكه فقد زاد على ما يحق عليه فعله فيكون ضامنا له وهذا طريقه أيضا في إتلاف المعازف وفرق بين هذا وبين ما إذا أخذ الصيد وهو محرم فقال هناك لم يملكه بالأخذ فالمرسل لا يكون مفوتا عليه ملكا متقوما وهنا بالإحرام لم يبطل ملكه على ما قررنا والدليل على الفرق أن المحرم إذا أخذ صيدا ثم أرسله فأخذه غيره ثم وجده المحرم في يده بعد ما حل فليس له أن يسترده منه ولو أحرم وفي يده بعد ما حل فليس له أن يسترده منه ولو أحرم وفي يده صيد فأرسله ثم وجده بعد ما حل في يد غيره كان له أن يسترده منه فدل على الفرق بين الفصلين .
قال محرم قتل سبعا فإن كان السبع هو الذي ابتدأه فآذاه فلا شيء عليه والحاصل أن نقول " ما استثناه رسول الله - A - من المؤذيات بقوله خمس من الفواسق يقتلن في الحل والحرم " وفي " حديث آخر يقتل المحرم الحية والفأرة والعقرب والحدأة والكلب العقور " فلا شيء على المحرم ولا على الحلال في الحرم بقتل هذه الخمس لأن قتل هذه الأشياء مباح مطلقا وهذا البيان من رسول الله - A - كالملحق بنص القرآن فلا يكون موجبا للجزاء والمراد من الكلب العقور الذئب فأما ما سوى الخمس من السباع التي لا يؤكل لحمها إذا قتل المحرم منها شيئا ابتداء فعليه جزاؤه عندنا وقال " الشافعي " - C تعالى - لا شيء عليه لأن النبي - A - إنما استثنى الخمس لأن من طبعها الأذي فكل ما يكون من طبعه الأذى فهو بمنزلة الخمس مستثنى من نص التحريم فصار كأن الله تعالى قال لا تقتلوا من الصيود غير المؤذي ولو كان النص بهذه الصفة لم يتناول إلا ما هو مأكول اللحم غير الموذي لأن النبي - A - استثني الكلب العقور وهذا يتناول الأسد ألا ترى أنه حين دعا على " عتبة بن أبي لهب " قال اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فافترسه أسد بدعائه A ولأن الثابت بالنص حرمة ممتدة إلى غاية وهو الخروج من الإحرام لأن الله تعالى قال : { " وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما " } وهذا يتناول مأكول اللحم فأما غير مأكول اللحم محرم التناول على الإطلاق فلا يتناوله هذا النص وحجتنا في ذلك قوله تعالى { " لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم " } واسم الصيد يعم الكل لأنه يسمى به لتنفره واستيحاشه وبعده عن أيدي الناس وذلك موجود فيما لا يؤكل لحمه والدليل عليه أن لفظة الاصطياد بهذا المعنى تطلق على أخذ الرجال قال القائل : .
صيد الملوك ثعالب وأرانب .
وإذا ركبت فصيدى الأبطال .
ثم النبي - A - نص على أن المستثنى من النص خمس فهو دليل على أن ما سوى الخمس فحكم النص فيه ثابت .
والدليل عليه وهو أنا لو جعلنا الاستثناء باعتبار معنى الإيذاء خرج المستثنى من أن يكون محصورا بعدد الخمس فكان هذا تعليلا مبطلا للنص ثم ما سوى الخمس في معنى الأذى دون الخمس لأن الخمس من طبعها البداءة بالأذى وما سواها لا يؤذى إلا أن يؤذي فلم يكن في معنى المنصوص ليلحق به والذي قال الحرمة ثابتة بالنص إلى غاية فحرمة الاصطياد هكذا لأن النص يثبت حرمة الاصطياد لا حرمة التناول وحرمة الاصطياد بهذه الصفة تثبت في غير مأكول اللحم كما تثبت في مأكول اللحم ثم لا اختلاف بيننا وبين " الشافعي " - رضي الله تعالى - أن الجزاء يجب بقتل الضبع على المحرم لأن عنده الضبع مأكول اللحم وعندنا هو من السباع التي لم يتناولها الاستثناء وفيه حديث " " جابر " - Bه - حين سئل عن الضبع أصيد هو فقال نعم فقيل أعلى المحرم الجزاء فيه قال نعم فقيل له أسمعته من رسول الله - A - قال نعم " - ولكن السبع إن كان هو الذي ابتدأ المحرم فلا شيء عليه في قتله عندنا وقال " " زفر " - C تعالى - عليه الجزاء لأن فعل الصيد هدر " قال A العجماء جبار " من غير ذكر الجرح أي جرح العجماء جبار فوجوده كعدمه فيما يجب من الجزاء بقتله على المحرم .
ألا ترى أن في الضمان الواجب لحق العباد إذا كان السبع مملوكا لا فرق بين أن تكون البداءة منه أو من السبع فكذلك فيما يجب لحق الله تعالى وحجتنا في ذلك حديث " عمر " - رضي الله تعالى - عنه فإنه قتل ضبعا في الإحرام فأهدى كبشا وقال إنا ابتدأناه ففي هذه التعليل بيان أن البداءة إذا كانت من السبع لا يوجب شيئا ولأن صاحب الشرع جعل الخمس مستثناة لتوهم الأذى منها غالبا وتحقق الأذى يكون أبلغ من توهمه فتبين بالنص أن الشرع حرم عليه قتل الصيد وما ألزمه تحمل الأذى من الصيد فإذا جاء الأذى من الصيد صار مأذونا في دفع أذاه مطلقا فلا يكون فعله موجبا للضمان عليه وبهذا فارق ضمان العباد فإن الضمان يجب لحق العباد ولم يوجد الإذن ممن له الحق في إتلافه مطلقا حتى يسقط به الضمان بخلاف ما نحن فيه ولا يدخل على ما ذكرنا قتل المحرم القمل فإنه يوجب الجزاء عليه وإن كان يؤذيه لأن المحرم إذا قتل قملة وجدها على الطريق لم يضمن شيئا لأنها مؤذية ولكن إذا قتل القمل على نفسه إنما يضمن لمعنى قضاء التفث بإزالة ما ينمو من بدنه عن نفسه وهذا بخلاف المحرم إذا كان مضطرا فقتل صيدا لأن الإذن ممن له الحق هناك مقيد وليس بمطلق فإن الإذن في حق المضطر في قوله تعالى { " فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه " } والإذن عند الأذى ثابت بالنص مطلقا في حق الصيد فلا يكون موجبا للضمان عليه فأما إذا كان هو الذي ابتدأ السبع يلزمه قيمته بقتله لا يجاوز بقيمته شاة عندنا وعلى قول " " زفر " - C تعالى - تجب قيمته بالغة ما بلغت على قياس ما يؤكل لحمه من الصيود هكذا ذكر أصحابنا هذا الخلاف وذكر " ابن شجاع " - C تعالى - في شرح اختلاف " " زفر " و " يعقوب " - رحمهما الله تعالى - أن عند " " زفر " فيما هو مأكول اللحم لا يجاوز بقيمته شاة والحاصل أن " زفر " - C تعالى - يقول بأن الضمان الواجب لحق الله تعالى معتبر بالواجب لحق العباد وهناك لا فرق بين مأكول اللحم وبين غير مأكول اللحم فهنا لا فرق بينهما أيضا فأما أن يقال تجب القيمة بالغة ما بلغت في الموضعين جميعا أو لا يجاوز بالقيمة شاة في الموضعين جميعا وحجتنا في ذلك أن فيما لا يؤكل لحمه وجوب الجزاء باعتبار معنى الصيدية فقط لا باعتبار عينه فإنه غير مأكول وباعتبار معنى الصيدية يكون مرتكبا محظور إحرامه فلا يلزمه أكثر من شاة كسائر محظورات الإحرام فأما في مأكول اللحم وجوب الجزاء باعتبار عينه لأنه مفسد للحمه بفعله فتجب قيمته بالغة ما بلغت وكذلك في حقوق العباد وجوب الضمان باعتبار ملك العين فيتقدر بقيمة العين وهذا لأن زيادة القيمة في الفهد والنمر والأسد لمعنى تفاخر الملوك به لا لمعنى الصيدية وذلك غير معتبر في حق المحرم فلهذا لا يلزمه أكثر من شاة إن كان مفردا بالحج أو العمرة وإن كان قارنا لا يجاوز بما يجب عليه شاتين لأنه محرم بإحرامين .
قال وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير في هذا الحكم سواء على ما بينا وذكر في بعض الروايات في الحديث المستثنى مكان الحدأة الغراب والمراد به الأبقع الذي يأكل الجيف ويخلط فإنه يبتدئ بالأذى فأما العقعق يجب الجزاء بقتله على المحرم لأنه لا يبتدئ بالأذى غالبا والخنزير والقرد يجب الجزاء بقتلهما على المحرم في قول " أبي يوسف " - C تعالى - وقال " زفر " - رضي الله تعالى عنه - لا يجب لأن الخنزير بمنزلة الكلب العقور مؤذ بطبعه وقد ندب الشرع إلى قتله " قال النبي - A - بعثت لكسر الصليب وقتل الخنزير " ولكن " أبا يوسف " - C تعالى - يقول بأنه متوحش لا يبتدئ بالأذى غالبا فيكون نص التحريم متناولا له وكذلك السمور والدلق يجب الجزاء بقتلهما على المحرم والفيل كذلك إذا كان وحشيا فأما الفأرة مستثناة في الحديث وحشيها وأهليها سواء والسنور كذلك في رواية " الحسن " عن " أبي حنيفة " - C تعالى - لا يجب الجزاء بقتله أهليا كان أو وحشيا .
( يتبع . . . )