وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فتعدية فعل ( أن ترثوا ) إلى ( النساء ) من استعماله الأول : بتنزيل النساء منزلة الأموال الموروثة لإفادة تبشيع الحالة التي كانوا عليها في الجاهلية . أخرج البخاري عن ابن عباس قال : " كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاءوا زوجوها وإن شاءوا لم يزوجوها فهم أحق بها من أهلها فنزلت هذا الآية " . وعن مجاهد والسدي والزهري كان الابن الأكبر أحق بزوج أبيه إذا لم تكن أمه فإن لم يكن أبناء فولي الميت إذا سبق فألقى على امرأة الميت ثوبه فهو أحق بها وإن سبقته فذهب إلى أهلها كانت أحق بنفسها . وكان من أشهر ما وقع من ذلك في الجاهلية أنه لما مات أمية بن عبد شمس وترك امرأته ولها أولاد منه : العيص وأبو العيص والعاص وأبو العاص وله أولاد من غيرها منهم أبو عمرو بن أمية فخلف أبو عمرو على امرأة أبيه فولدت له : مسافرا وأبا معيط فكان الأعياص أعماما لمسافر وأبي معيط وأخوتهما من الأم " .
وقد قيل : نزلت الآية لما توفي أبو قيس بن الأسلت رام ابنه أن يتزوج امرأته كبشة بنت معن الأنصارية فنزلت هذه الآية . قال أبن عطية : وكانت هذه السيرة لازمة في الأنصار وكانت في قريش مباحة مع التراضي . وعلى هذا التفسير يكون قوله ( كرها ) حالا م النساء أي كارهات غير راضيات حتى يرضين بأن يكن أزواجا لمن يرضينه مع مراعاة شروط النكاح والخطاب على هذا الوجه لورثة الميت .
وقد تكرر هذا الإكراه بعوائدهم التي تمالؤوا عليها بحيث لو رامت المرأة المحيد عنها لأصبحت سبة لها ولما وجدت من ينصرها وعلى هذا فالمراد بالنساء الأزواج أي أزواج الأموات .
ويجوز أن يكون فعل ( ترثوا ) مستعملا في حقيقته ومتعديا إلى الموروث فيفيد النهي عن أحوال كانت في الجاهلية : منها أن الأولياء يعضلون النساء ذات المال من التزوج خشية أنهن إذا تزوجن يلدن فيرثهن أزواجهن وأولادهن ولم يكن للولي العاصب شيء من أموالهن وهن يرغبن أن يتزوجن ومنها أن الأزواج كانوا يكرهون أزواجهم ويأبون أن يطلقوهن رغبة في أن يمتن عندهم فيرثوهن فذلك إكراه لهن على البقاء على حالة الكراهية إذ لا ترضى المرأة بذلك مختارة وعلى هذا فالنساء مراد به جمع امرأة وقرأ الجمهور : كرها بفتح الكاف وقرأه حمزة والكسائي وخلف بضم الكاف وهما لغتان .
( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ) عطف النهي على العضل على النهي عن إرث النساء كرها لمناسبة التماثل في الإكراه وفي أن متعلقة سوء معاملة المرأة وفي أن العضل لأجل أخذ مال منهن .
والعضل : منع ولي المرأة إياها أن تتزوج وقد تقدم الكلام عليه عند قوله تعالى ( فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ) في سورة البقرة .
فإن كان النهي عنه في قوله ( لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ) هو المعنى المتبادر من فعل ( ترثوا ) وهو أخذ مال المرأة كرها عليها فعطف ( ولا تعضلوهن ) إما خاص على عام إن أريد خصوص منع الأزواج نساءهم من الطلاق مع الكراهية رغبة في بقاء المرأة عنده حتى تموت فيرث منها مالها أو ببعض ما آتاها وأياما كان فإطلاق العضل على هذا الإمساك مجاز باعتبار المشابهة لأنها كالتي لا زوج لها ولم تتمكن من التزوج