وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد أخذ الفقهاء من هذه الآية حكم مسألة قصد المعطي من عطيته الإضرار بوارثه في الوصية وغيرها من العطايا والمسألة مفروضة في الوصية خاصة . وحكى ابن عطية عن مذهب مالك وابن القاسم أن قصد المضارة في الثلث لا ترد به الوصية لأن الثلث حق جعله الله له فهو على الإباحة في التصرف فيه . ونازعه ابن عرفة في التفسير بأن ما في الوصايا الثاني : من المدونة صريح في أن قصد الإضرار يوجب رد الوصية . وبحث ابن عرفة مكين . ومشهور مذهب ابن القاسم أن الوصية ترد بقصد الإضرار إذا تبين القصد غير أن ابن عبد الحكم لا يرى تأثير الإضرار . وفي شرح ابن ناجي على تهذيب المدونة أن قصد الإضرار بالوصية في أقل من الثلث لا يوهن الوصية على الصحيح . وبه الفتوى .
وقوله ( وصية ) منصوب على أنه مفعول مطلق جاء بدلا من فعله والتقدير : يوصيكم الله بذلك وصية منه فهو ختم للأحكام بمثل ما بدئت بقوله ( يوصيكم الله ) وهذا من رد العجز على الصدر .
وقوله ( والله عليم حليم ) تذييل وذكر وصف العلم والحلم هنا لمناسبة أن الأحكام المتقدمة إبطال لكثير من أحكام الجاهلية وقد كانوا شرعوا مواريثهم تشريعا مثاره الجهل والقساوة . فإن حرمان البنت والأخ للأم من الإرث جهل بأن صلة النسبة من جانب الأم مماثلة لصلة نسبة جانب الأب . فهذا ونحوه جهل وحرمانهم الصغار من الميراث قساوة منهم .
وقد بينت الآيات في هذه السورة الميراث وانصباءه بين أهل أصول النسب وفروعه وأطرافه وعصمة الزوجية وسكتت عما عدا ذلك من العصبة وذوي الأرحام وموالي العتاقة وموالي الحلف وقد أشار قوله تعالى " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " في سورة الأنفال وقوله " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " في سورة الأحزاب إلى ما أخذ منه كثير من الفقهاء توريث ذوي الأرحام . وأشار قوله الآتي قريبا ( ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ) إلى ما يؤخذ منه التوريث بالولاء على الإجمال كما سنبينه وبين النبي A توريث العصبة بما رواه أهل الصحيح عن ابن عباس أن النبي A قال " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر " وما رواه الخمسة غير النسائي عن أبي هريرة : أن النبي A قال " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن مات وترك مالا فماله لموالي العصبة ومن ترك كلا أو ضياعا فأنا وليه " وسنفصل القول في ذلك في مواضعه المذكورة .
( تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله ندخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم [ 13 ] ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ندخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين [ 14 ] ) الإشارة إلى المعاني والجمل المتقدمة .
والحدود جمع حد وهو ظرف المكان الذي يميز عن مكان آخر بحيث يمنع تجاوزه واستعمل الحدود هنا مجازا في العمل الذي لا تحل مخالفته على طريقة التمثيل .
ومعنى ( ومن يطع الله ورسوله ) انه يتابع حدوده كما دل عليه قوله في مقابله ( ويتعد حدود الله ) .
وقوله ( خالدا فيها ) استعمل الخلود في طول المدة . أو أريد من عصيان الله ورسوله العصيان الإثم وهو نبذ الإيمان لأن القوم يومئذ كانوا قد دخلوا في الإيمان ونبذوا الكفر فكانوا حريصين على العمل بوصايا الإسلام فما يخالف ذلك إلا من كان غير ثابت الإيمان إلا من تاب .
ولعل قوله ( وله عذاب مهين ) تقسيم لأن العصيان أنواع : منه ما يوجب الخلود ومنه ما يوجب العذاب المهين وقرينة ذلك أن عطف ( وله عذاب مهين ) على الخلود في النار لا يحتاج إليه إذا لم يكن مرادا به التقسيم فيضطر إلى جعله زيادة توكيد أو تقول إن محط العطف هو وصفه بالمهين لأن العرب أباة الضيم شم الأنوف فقد يحذرون عذاب النار ومن الأمثال المأثورة في حكاياته " النار ولا العار " . وفي كتاب الآداب في أعجاز أبياته " والحر يصبر خوف العار للنساء " .
وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر ( ندخله ) في الموضعين هنا بنون العظمة وقرأ الجمهور بياء الغيبة والضمير عائد إلى اسم الجلالة .
A E