وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ثم اختلفوا في الوصي الغني هل يأخذ أجر مثله على عمله بناء على الخلاف في أن الأمر في قوله ( فليستعفف ) للوجوب أو للندب فمن قال للوجوب قال : لا يأكل الغني شيئا وهذا قول كلمن منعه الانتفاع بأكثر من السلف والشيء القليل وهم جمهور تقدمت أسماءهم . وقيل : الأمر للندب فإذا أراد أن يأخذ أجر مثله جاز له إذا كان له عمل وخدمة أما إذا كان عمله مجرد التفقد لليتيم والإشراف عليه فلا أجر له .
وهذا كله بناء على الآية محكمة . ومن العلماء من قال : هي منسوخة بقوله تعالى ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ) الآية وقوله ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) واليه مال أبو يوسف وهو قول مجاهد وزيد بن أسلم .
ومن العلماء من سلك بالآية مسلك التأويل فقال ربيعة بن أبي عبد الحمان : المراد فمن كان غنيا أي من اليتامى ومن كان فقيرا كذلك وهي بيان لكيفية الإنفاق على اليتامى فالغني يعطي كفايته والفقير يعطي بالمعروف وهو بعيد فإن فعل " استعفف " بدل على الاقتصاد والتعفف عن المسألة .
وقال النخعي وروي عن ابن عباس : من كان من الأوصياء غنيا فليستعفف بماله ولا يتوسع بمال محجوره ومن كان فقيرا فإنه يقتر على نفسه لئلا يمد يده إلى مال اليتيم . واستحسنه المحاس والكيا الطبري في أحكام القرآن .
( فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا [ 6 ] ) A E تفريع عن قوله ( فادفعوا إليهم أموالهم ) وهو أمر الإشهاد عند الدفع ليظهر جليا ما يسلمه الأوصياء لمحاجيرهم حتى بمكن الرجوع عليهم يوما ما بما يطلع عليه مما تخلف عند الأوصياء وفيه براءة للأوصياء أيضا من دعاوي المحاجير من بعد . وحسبك بهذا التشريع قطعا للخصومات .
والأمر هنا يحتمل الوجوب ويحتمل الندب وبكل قالت طائفة من العلماء لم يسم أصحابها : فإن لوحظ ما فيه من الاحتياط لحق الوصي كان الإشهاد مندوبا لأنه حقه فله أن لا بفعله وإن لوحظ ما فيه من تحقيق مقصد الشريعة من رفع التهارج وقطع الخصومات كان الإشهاد واجبا نظير ما تقدم في قوله تعالى ( إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) وللشريعة اهتمام بتوثيق الحقوق لأن ذلك أقوم لنظام المعاملات . وأيا ما كان فقد جعل الوصي غير مصدق في الدفع إلا ببينة عند مالك قال ابن الفرس : لولا أنه يتضمن إذا أنكره المحجور لم يكن للأمر بالتوثيق فائدة ونقل الفخر عن الشافعي موافقة قول مالك إلا أن الفخر أحتج بأن ظاهر الأمر للوجوب وهو احتجاج واه لأنه لا أثر لكون الأمر للوجوب أو للندب في ترتب حكم الضمان إذ الضمان من آثار خطاب الوضع وسببه هو انتفاء الإشهاد وأما الوجوب والندب فمن خطاب التكليف وأثرهما العقاب والثواب . وقال أبو حنيفة : هو مصدق بيمينه لأنه عده أمينا وقيل : لأنه رأى الأمر للندب . وقد علمت أن محمل الأمر بالإشهاد لا يؤثر في حكم الضمان . وجاء بقوله ( وكفى بالله حسيبا ) تذييلا لهذه الأحكام كلها لأنها وصيات وتحريضات فوكل الأمر فيها إلى مراقبة الله تعالى . والحسيب : المحاسب . والباء زائدة للتوكيد .
( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا [ 7 ] ) استئناف ابتدائي وهو جار مجرى النتيجة لحكم إيتاء أموال اليتامى ومجرى المقدمة لأحكام المواريث التي في قوله تعالى ( يوصيكم الله في أولادكم ) .
ومناسبة تعقيب الآي السابقة بها : أنهم كانوا قد اعتادوا إيثار الأقوياء والأشداء بالأموال وحرمان الضعفاء وإبقاءهم عالة على أشدائهم حتى يكونوا في مقاتهم فكان الأولياء يمنعون عن محاجيرهم أموالهم وكان أكبر العائلة يحرم اخوته من الميراث معه فكان لضعفهم يصبرون على الحرمان ويقنعون العائلة بالعيش في ظلال أقاربهم لأنهم نازعوهم وطردوهم وحرموهم فصاروا عالة على الناس .
وأخص الناس بذلك النساء فإنهن يجدن ضعفا من أنفسهن ويخشين عار الضيعة ويتقين انحراف الأزواج فيتخذن رضا أولياءهن عدة لهن من حوادث الدهر فلنا أمرهم الله أن يؤتوا اليتامى أموالهم أمر عقبه بأمرهم بأن يجعلوا للرجال والنساء نصيبا مما ترك الوالدان والأقربون