وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمراد بالأموال أموال المحاجير المملوكة لهم ألا ترى إلى قوله ( وارزقوهم فيها ) وأضيفت الأموال إلى ضمير المخاطبين ب ( يا أيها الناس ) إشارة بديعة إلى أن المال الرائج بين الناس هو حق لمالكيه المختصين به في ظاهر الأمر ولكنه عند التأمل تلوح فيه حقوق الملة جمعاء لأن في حصوله منفعة للأمة كلها لأن ما في أيدي بعض أفرادها من الثروة يعود إلى الجميع بالصالحة فمن تلك الأموال ينفق أربابها ويستأجرون ويشترون ويتصدقون ثم تورث عنهم إذا ماتوا فيتقبل المال بذلك من يد إلى غيرها فينتفع العاجز والعامل والتاجر والفقير وذو الكفاف ومتى قلت الأموال من أيدي أناسا تقاربوا في الحاجة والخصاصة فأصبحوا في ضنك وبؤس واحتاجوا إلى قبيلة أو أمة أخرى وذلك من أسباب ابتزاز عزهم وذلك من أسباب ابتزاز عزهم وامتلاك بلادهم وتصبير منافعهم لخدمة غيرهم فلأجل هاته الحكمة أضاف الله تعالى الأموال إلى جميع المخاطبين ليكون لهم الحق في إقامة الأحكام التي تحفظ الأموال والثروة العامة .
وهذه إشارة لا أحسب أن حكيما من حكماء الاقتصاد سبق القرآن إلى بيانها . وقد أبعد جماعة جعلوا الإضافة لأدنى ملابسة لأن الأموال في يد الأولياء وجعلوا الخطاب للأولياء خاصة . وجماعة جعلوا الأولياء خاصة . وجماعة الإضافة المخاطبين لأن الأموال من نوع أموالهم وإن لم تكن أموالهم حقيقة واليه مال الزمخشري . وجماعة جعلوا الإضافة لأن السفهاء من نوع المخاطبين فكأن أموالهم أموالهم وإليه مال فخر الدين . وقارب ابن العربي إذ قال " لأن الموال مشتركة بين الخلق تنتقل من يد إلى يد وتخرج من ملك إلى ملك " وبما ذكرته من البيان كان لكلمته هذه شأن . وأبعد آخرون فريق آخرون فجعلوا الإضافة حقيقية أي لا تؤتوا يا أصحاب الأموال أموالكم لمن يضيعها من أولادكم ونسائكم وهذا أبعد الوجوه ولا إخال الحامل على هذا التقدير إلا الحيرة في وجه الجميع بين كون الممنوعين من الأموال السفهاء وبين إضافة تلك الأموال إلى ضمير المخاطبين وإنما وصفته بالبعد لأن قائله جعله هو المقصود من الآية ولو جعله وجها جائزا يقوم من لفظ الآية لكان وجه وجيه بناء على ما تقرر في المقدمة التاسعة .
وأجري على الأموال صفة تزيد إلى المخاطبين وضوحا وهي قوله ( التي جعل الله لكم قياما ) فجاء في الصفة بموصول إلى تعليل النهي وإيضاحا لمعنى الإضافة فإن ( قياما ) مصدر على وزن فعل بمعنى فعال : مثل عوذ بمعنى عياذ وهو من الواوي وقياسه قوم إلا أنه أعلى بالياء شذوذا كما شذ جياد في جمع جواد وكما شذ طيال في لغة ضبة في جمع طويل قصدوا قلب الواو ألفا بعد الكسرة كما فعلوه في قيام ونحوه إلا أن ذلك ف وزن فعال مطرد وفي غيره شاذ لكثرة فعال في المصادر وقلة فعل فيها وقيم من غير الغالب . كذا قرأه نافع وابن عامر : ( قيما ) بوزن فعل وقرأه الجمهور ( قياما ) والقيام ما به يتقوم المعاش وهو واوي أيضا وعلى القراءتين فالإخبار عن الأموال به إخبار بالمصدر للمبالغة مثل قول الخنساء : .
" فإنما هي إقبال وإدبار والمعنى أنها تقويم عظيم لأحوال الناس . وقيل : قيما جمع قيمة أي التي جعلها الله قيما أي أثمانا للأشياء وليس فيه إيذان بالمعنى الجليل المتقدم .
ومعنى قوله ( وارزقوهم واكسوهم ) واقع موقع الاحتراس أي لا تؤتوهم الموال إيتاء تصرف مطلق ولكن آتوهم إياها بمقدار انتفاعهم من نفقة وكسوة ولذلك قال فقهاؤنا : تسلم للمحجور نفقته وكسوته إذا أمن عليها بحسب حاله وماله وعدل عن تعدية ( ارزقوهم ) ب ( من ) إلى تعديتها ب ( في ) الدالة على الظرفية المجازية على طريقة الاستعمال في أمثاله حين لا يقصد التبغيض الموهم للإنقاص من ذات الشيء ما يحصل به الفعل : تارة من عينه وتارة من ثمنه وتارة من نتاجه وأن ذلك يحصل مكررا مستمرا . وانظر ذلك في قول سبرة بن عمرو الفقعي : .
نحابي بها أكفاءنا ونهينها ... ونشرب في أثمانها ونقامر A E