وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( لقد سمع الله ) تهديد وهو يؤذن بأن هذا القول جراءة عظيمة وإن كان القصد منها التعريض ببطلان كلام القرآن لأنهم أتوا بهاته العبارة بدون محاشاة ولأن الاستخفاف بالرسول وقرآنه إثم عظيم وكفر على كفر ولذلك قال تعالى ( لقد سمع ) المستعمل في لازم معناه وهو التهديد على كلام فاحش إذ قد علم أهل الأديان أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فليس المقصود إعلامهم بأن الله علم ذلك لازمه وهو مقتضى قوله ( سنكتب ما قالوا ) . والمراد بالكتابة إما كتابته في صحائف آثامهم إذ لا يخطر ببال أحد أن يكتب في صحائف الحسنات وهذا بعيد لأن وجود علامة الاستقبال يؤذن بأن الكتابة أمر يحصل فيما بعد . فالظاهر أنه أريد من الكتابة عدم الصفح عنه ولا العفو بل سيثبت لهم ويجاوزون عنه فتكون الكتابة كناية عن المحاسبة . فعلى الأول يكون وعيدا وعلى الثاني يكون تهديدا .
وقرأ الجمهور ( سنكتب ما قالوا وقتله ) بنون العظمة من ( سنكتب ) وبنصب اللام من ( قتلهم ) على انه مفعول ( نكتب ) و ( نقول ) بنون . وقرأه حمزة : سيكتب " بياء الغائب مضمومة وفتح المثناة الفوقية " مبينا للنائب لأن فاعل الكتابة معلوم وهو الله تعالى وبرفع اللام من ( قتلهم ) على أنه نائب فاعل . ( ويقول ) بياء الغائب والضمير عائد إلى اسم الجلالة في قوله ( إن الله ) .
وعطف قوله ( وقتلهم الأنبياء بغير حق ) زيادة غفي مذمتهم بذكر مساوي أسلافهم لأن الذين قتلوا الأنبياء هم غير الذين قالوا ( إن الله فقير ونحن أغنياء ) بل هم من أسلافهم فذكر هنا ليدل على أن هذه شنشنة قديمة فيهم وهي الاجتراء على الله ورسله واتحاد الضمائر مع اختلاف المعاد طريقة عربية في المحامد والمذام التي تناط بالقبائل . قال الحجاج في خطبته بعد يوم دير الجماجم يخاطب اهل العراق : ألستم أصحابي بالأهواز حين أضمرتم الشر واستنبطتم الكفر إلى أن قال : ثم يوم الزاوية وما يوم الزاوية . . إلخ مع أن فيهم من مات ومن طرأ بعد .
A E وقوله ( ونقول ذوقوا عذاب الحريق ) عطف أثر الكتب أي سيجاوزون عن ذلك بدون صفح ( ونقول ذوقوا ) وهو أمر الله بأن يدخلوا النار .
والذوق حقيقته إدراك الطعوم واستعمل هنا مجازا مرسلا في الإحساس بالعذاب فعلاقته الإطلاق ونكتته أن الذوق في العرف يستتبع تكرر ذلك الإحساس لأن الذوق يتبعه الأكل وبهذا الاعتبار يصح أن يكون ( ذوقوا ) استعارة .
وقد شاع في كلام العرب إطلاق الذوق على الإحساس بالخير أو بالشر وورد في القرآن كثيرا .
والإشارة في قوله ( ذلك بما قدمت أيديكم ) للعذاب المشاهد يومئذ وفيه تهويل للعذاب . والباء للسببية على أن هذا العذاب لعظم هوله مما يتساءل عن سببه . وعطف قوله ( وأن الله ليس بظلام للعبيد ) على مجرور الباء ليكون لهذا العذاب سببان : ما قدمته أيديهم وعدل الله تعالى فما قدمت أيديهم أوجب حصول العذاب وعدل الله أوجب كون هذا العذاب في مقداره المشاهد من الشدة حتى لا يظنون أن في شدته إفراطا عليهم في التعذيب .
( الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم أن كنتم صادقين [ 183 ] فإن كذبوك فقد كذب رسل قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير [ 184 ] ) أبدل ( الذين قالوا إن الله عهد ) من ( الذين قالوا إن الله فقير ) لذكر قولة أخرى شنيعة منهم وهي كذبهم على الله في أنه عهد إليهم على ألسنة أنبيائهم أن لا يؤمنوا لرسول حتى يأتيهم بقربان أي حتى يذبح قربانا فتأكله نار تنزل حين ذبح أول قربان على النحو الذي شرعه الله لبني إسرائيل فخرجت نار من عند الرب فأحرقته . كما في سفر اللاويين . إلا أنه معجزة لا تطرد لسائر الأنبياء كما زعمه اليهود لأن معجزات الرسل تجيء على ما يناسب تصديق الأمة . وفي الحديث " ما من الأنبياء نبي إلا أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله الي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة " فقال الله تعالى ( قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم )