وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون [ 161 ] ) الأظهر أنه عطف على مجموع الكلام عطف الغرض على الغرض . وموقعه عقب جملة ( إن ينصركم الله فلا غالب لكم ) الآية لأنها أفادت أن النصر بيد الله والخذل بيده يستلزم التحريض على طلب مرشاته ليكون لطيفا بمن يرضونه . وإذ قد كانت النصائح والمواعظ موجهة إليهم ليعملوا بها فيما يستقبل من غزواتهم نبهوا إلى شيء يستخف به الجيش في الغزوات وهو الغلول ليعلموا أن ذلك لا يرضي الله تعالى فيحذروه ويمونوا مما هو أدعى لغضب الله أشد حذرا فهذه مناسبة التحذير من الغلول ويعضد ذلك أن سبب هزيمتهم يوم أحد هو تعجلهم إلى أخذ الغنائم . والغلول : تعجل بأخذ شيء من غال الغنيمة .
ولا تجد غير هذا يصلح لأن يكون مناسبا لتعقيب آية النصر بآية الغلول فإن غزوة أحد التي أتت السورة على قصتها لم يقع فيها غلول ولا كائن للمسلمين فيها غنيمة وما ذكره بعض المفسرين من قضية غلول وقعت يوم بدر في قطيفة حمراء أو في سيف لا يستقيم هنا لبعد ما بين غزوة بدر وغزوة أحد فضلا على ما ذكره بعضهم من نزول هذه الآية في حرص الأعراب على قسمة الغنائم يوم حنين الواقع بعد غزوة أحد بخمس سنين وقرأ جمهور العشرة : يغل بضم التحتية وفتح الغين وقرأه أبن كثير وأبو عمرو وعاصم بفتح التحتية وضم الغين .
والفعل مشتق من الغلول وهو أخذ شيء من الغنيمة بدون إذن أمير الجيش والغلول مصدر غير قياسي ويطلق الغلول على الخيانة في المال مطلقا .
وصيغة ( وما كان لنبي أن يغل ) صيغة جحود تفيد مبالغة النفي . وقد تقدم القول فيها عند قوله تعالى ( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ) في هذه السورة فإذا استعملت في الإنشاء كما هنا المبالغة في النهي . والمعنى على قراءة الجمهور نهي جيش النبي عن أن يغلوا لأن الغلول في غنائم النبي A غلول للمنبي إذ قسمة الغنائم إليه . وأما على قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم فمعنى أن النبي لا يغل أنه لا يقع الغلول في جيشه فإسناد الغلول إلى النبي مجاز لملابسة جيش النبي نبيهم ولك أن تجعلهم على تقدير مضاف والتقدير : ما كان لجيش نبي أن يغل .
ولبعض المفسرين من المتقدمين ومن بعدهم تأويلات للمعنى على هذه القراءة فيها سماحة .
ومعنى ( ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ) أنه يأتي به مشهرا مفضوحا بالسرقة .
ومن اللطائف ما في البيان والتبيين للجاحظ : أن مزيدا رجلا من الأعراب سرق نافجة مسك فقيل له : كيف تسرقها وقد قال الله تعالى ( ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ) ؟ فقال : إذن أحملها طيبة الريح خفيفة المحمل . وهذا تلميح وتلقي المخاطب بغير ما يترقب . وقريب منه ما حكي عن عبد اله بن مسعود والدرك على من حكاه قالوا : لما بعث إليه عثمان ليسلم مصحفه ليحرقه بعد أن اتفق المسلمون على المصحف الذي كتب في عهد أبي بكر قال ابن مسعود : إن الله قال ( ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ) وإني غال مصحفي فمن استطاع منكم أن يغل مصحفه فليفعل . ولا أثق بصحة هذا الخبر لأن ابن مسعود يعلم أن هذا ليس من الغلول .
وقوله ( ثم توفى كل نفس ما كسبت ) تنبيه على العقوبة بعد التفضيح إذ قد علم أن الكلام السابق مسوق مساق النهي وجيء ب ( ثم ) للدلالة على طول مهلة التفضيح ومن جملة النفوس التي توفى ما كسبت نفس من يغلل فقد دخل في العموم .
وجملة ( وهم لا يظلمون ) حال مؤكدة المضمون الجملة قبلها وهي ( توفى كل نفس ما كسبت ) .
والآية دلت على تحريم الغلول وهو أخذ شيء من الغنم بغير إذن أمير الجيش وهو من الكبار لأنه مثل السرقة وأصح ما في الغلول حديث الموطأ : أن رسول الله A حين رجع من خيبر قاصدا وادي القرى وكان له عبد أسود يدعى مدعما فبينما هو يحط رحل رسول الله A إذ جاءه سهم عائر فقتله فقال الناس هنيئا له الجنة فقال رسول الله A " كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من الغنائم لم تصبها القاسم لتشتعل عليه نارا .
A E